للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن عمران، حدثنا إسحاق بن سليمان، يعني الرازي، عن المغيرة بن مسلم، عن ميمون أبي حمزة، قال: كنت جالسًا عند أبي وائل، فدخل علينا رجل، يقال له: أبو عفيف، من أصحاب معاذ، فقال له شقيق بن سلمة: يا أبا عفيف، ألا تحدثنا عن معاذ بن جبل؟ قال: بلى سمعته يقول: يحبس الناس يوم القيامة في بقيع واحد، فينادي مناد: أين المتَّقون؟ فيقومون في كَنَفٍ من الرّحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر. قلت: من المتَّقون؟ قال: قوم اتَّقوا الشرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا لله العبادة، فيمرون إلى الجنة (١).

وأصل التقوى: التوقي مما يكره لأن أصلها وقوى من الوقاية. قال النابغة:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه … فتناولته واتقتنا باليد

وقال الآخر:

فألقت قناعا دونه الشمس واتقت … بأحسن موصولين كف ومعصم

وقد قيل: إن عمر بن الخطاب ، سأل أبيّ بن كعب عن التقوى، فقال له: أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت، قال: فذلك التقوى.

وقد أخذ هذا المعنى ابن المعتز فقال:

خل الذنوب صغيرها … وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماش فوق أر … ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة … إن الجبال من الحصى

وأنشد أبو الدرداء يومًا:

يريد المرء أن يؤتى مناه … ويأبى الله إلا ما أرادا

يقول المرء فائدتي ومالي … وتقوى الله أفضل ما استفادا

وفي سنن ابن ماجه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله : "ما استفاد المرء بعد تقوى الله خيرًا من زوجة صالحة، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله" (٢).

﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (٣)

قال أبو جعفر الرازي، عن العلاء بن المسيب بن رافع، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: الإيمان التصديق.


(١) تفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣٣) وفي إسناده ميمون القصاب ضعيف.
(٢) سنن ابن ماجة برقم (١٨٥٧) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن زيد عن القاسم، عن أبي أمامة ، وقال البوصيري في الزوائد (٢/ ٧٠): "هذا إسناد فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وعثمان بن أبي العاتكة مختلف فيه".