للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَأَقَامَ الصَّلاةَ) أي: التي هي أكبر عبادات البدن، (وَآتَى الزَّكَاةَ) أي: التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق، (وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ) أي: ولم يخف إلا من الله تعالى، ولم يخش سواه، (فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) يقول: من وحد الله، وآمن باليوم الآخر يقول: من آمن بما أنزل الله، (وَأَقَامَ الصَّلاةَ) يعني: الصلوات الخمس، (وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ) يقول: لم يعبد إلا الله -ثم قال: (فَعَسَى أُولَئِكَ [أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ]) (١) يقول: إن أولئك هم المفلحون، كقوله لنبيه : ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] يقول: إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة، وكل "عسى" في القرآن فهي واجبة.

وقال محمد بن إسحاق بن يسار، : و"عسى" من الله حق.

﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)

قال العوفي في تفسيره، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، قال: إن المشركين قالوا: عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره، فذكر الله استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٦، ٦٧] يعني: أنهم كانوا يستكبرون بالحرم قال: ﴿بِهِ سَامِرًا﴾ كانوا يسمرون به، ويهجرون القرآن والنبي فخير الله الإيمان والجهاد مع نبي الله ، على عمارة المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به إن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه (٢)

قال الله: (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) يعني: الذين زعموا أنهم أهل العمارة، فسماهم الله "ظالمين" بشركهم، فلم تغن عنهم العمارة شيئا.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في تفسير هذه الآية، قال: نزلت في العباس بن


(١) زيادة من د.
(٢) في أ: "ويحرمونه".