للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحديث بتمامه رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، وغيرهم (١)

﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)

يقول تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا) أي: خلقنا وجعلنا (لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ) أي: هيأناهم لها، وبعمل أهلها يعملون، فإنه تعالى لما أراد أن يخلق الخلق، علم ما هم عاملون قبل كونهم، فكتب ذلك عنده في كتاب قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء" (٢)

وفي صحيح مسلم أيضا، من حديث عائشة بنت طلحة، عن خالتها عائشة أم المؤمنين، ، أنها قالت: دعي رسول الله إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله طوبى له، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه. فقال [رسول الله ] (٣) أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق الجنة، وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار، وخلق لها (٤) أهلا وهم في أصلاب آبائهم" (٥)

وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود [] (٦) ثم يبعث إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات، فيكتب: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم (٧) سعيد".

وتقدم أن الله [تعالى] (٨) لما استخرج ذرية آدم من صلبه وجعلهم فريقين: أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، قال: "هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي".

والأحاديث في هذا كثيرة، ومسألة القدر كبيرة ليس هذا موضع بسطها.

وقوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا) يعني: ليس ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله [سببا للهداية] (٩) كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ] (١٠)[الأحقاف: ٢٦] وقال تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] هذا في حق المنافقين، وقال في حق الكافرين: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١] ولم يكونوا صمًا بكمًا عميًا إلا عن الهدى، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال: ٢٣]،


(١) المسند (١/ ٣٩٢) وسنن أبي داود برقم (١٠٩٧) وسنن النسائي (٦/ ٨٩) وسنن ابن ماجة برقم (١٨٩٢).
(٢) صحيح مسلم برقم (٢٦٥٣).
(٣) زيادة من د.
(٤) في د، ك، م: "للنار".
(٥) صحيح مسلم برقم (٢٦٦٢).
(٦) زيادة من أ.
(٧) في ك، م، أ: "أو".
(٨) زيادة من أ.
(٩) زيادة من د، ك، م، أ.
(١٠) زيادة من أ. وفي هـ: "الآية".