للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم وليها بعد قتل محمد: عنان بن مغامس بن مريثة بن أبي نمي١، واستولى على جدة أيضا، ثم استولى على جدة كبيش بمن معه من العرب وغيرهم، ونبهت الأموال التي بجدة للحضارم والغلال التي فيها لبعض الدولة بمصر، والتف عليهم لطمع بعض أصحاب عنان، ثم انتقلوا إلى الوادي، وعات العبيد في الطرقات، وعنان مقيم بمكة.

واشترك معه في الإمرة بنو عمه: أحمد بن ثقبة٢، وعقيل بن مبارك بن رميتة٣، ثم أشرك عنان في الأمرة: علي بن مبارك٤، بعد مفارقته لكبيش ومن معه وملاءمته لعنان، وكان يدعى لهم معه على زمزم، ورأى أن ذلك تقوية لأمره؛ فكان الأمر بخلاف ذلك، لكثرة ماحصل عليه من الاختلاف، ونمى الخبر إلى السلطان بمصر، فعزل عنانا، وولي عوضة "علي بن عجلان بن رميثة"، ووصل الخبر بولايته في شعبان سنة تسع وثمانين، وتوجه "علي" مع "كبيش" وآل عجلان، ومن جمعوا إلى مكة؛ فلم يمكنهم منها عنان وأصحابه، واقتتلوا في التاسع والعشرين من شعبان سنة تسع وثمانين بأذاخر٥. فتقل "كبيش" وغيره ممن معه، ورجع آل عجلان إلى الوادي، ودخل عنان وأصحابه مكة وأقاموا بها إلى أن كان الموسم من سنة تسع وثمانين، ثم فارقوها وقصدوا الزيمة٦ من وادي نخلة، ودخل مكة "علي بن عجلان" وجماعته، وكان قد توجه بعد وقعة أذاخر إلى السلطان بمصر، فولاه نصف إمرة مكة، وولي عنانا النصف الآخر، بشرط حضور عنان إلى خدمة المحمل المصري، وبلغ عنان النصف الآخر؛ فلما كاد أن يصل إليه خوف من آل عجلان عنان، ففر وتبعه أصحابه إلى الزيمة، وبعد رحيل الحاج من مكة نزلوا الوادي وشاركوا "علي بن عجلان" في إمرة جدة، ثم سافر عنان إلى مصر في أثناء سنة تسعين، واعتقل بها في السنة التي بعدها واصطلح "علي بن عجلان" والأشراف، واستمر منفردا بالإمرة إلى أن شاركه فيها عنان في أثناء سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، بولاية من الملك الظاهر٧ في ابتداء دولته الثانية، ووصل إلى مكة من القاهرة في نصف شعبان من السنة المذكورة، واصطلح مع آل عجلان، وكان معه القواد، ومع "علي" الشرفاء، وكانوا غير متمكنين من القيام بمصالح البلد كما ينبغي؛ لمعارضة بني حسن لهما في ذلك، ودامت ولايتهما٨ على هذه الصفة إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربعة وتسعين وسبعمائة.


١ ترجمته في الضوء اللامع ٦/ ١٤٧، غاية المرام ٢/ ٢٠٠.
٢ الضوء اللامع ١/ ٢٦٦، غاية المرام ٢/ ٢٢٣.
٣ الضوء اللامع ٥/ ١٠٤٩، غاية المرام ٢/ ٢٢٤.
٤ الضوء اللامع ٥/ ١٤٩، غاية المرام ٢/ ٢٢٥.
٥ أذاخر اسم للجبل الذي بشرقي مكة، وخلف واد أذاخر.
٦ الزيمة معروفة في طريق الطائف وبها بساتين ومزارع.
٧ هو الظاهر برقوق أول المماليك في مصر.
٨ غاية المرام ٢/ ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>