للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفريقين، وظن أن أمره بمكة يكون مستقيما، وإن لم يكن العسكر بن مقيما؛ فقدر أن الترك انكسروا، وفي المسجد حصروا، وبما خف من أموالهم رحلوا، فرحل ابن عطيفة في إثرهم لتخوفه في المقام بعدهم، بسبب ما كان بين ذوي عطيفة والقواد والقتل، وهكذا ذكر لي رحيل ابن عطيفة بعد العسكر من يعتمد على خبره من أهل مكة، ووجدت بخط بعض أصحابنا، فيما نقله من خط ابن محفوظ، ما نصه بعد ذكره لهذه الحادثة: وراحوا١ الأمراء، وقعد محمد بن عطيفة، وسند في البلاد ... انتهى، والله أعلم بصحة ذلك.

وكان "ثقبة" جاء إلى مكة بإثر هذه الفتنة، واشترك مع أخيه "سند" في هذه الإمراء، إلى أن مات في شوال سنة اثنين وستين وسبعمائة٢.

وولي مكة في هذه السنة "عجلان"، وكان بمصر معتقلا؛ فأطلقه الأمير يلبغا المعروف بالخاسكي٣، لما صار إليه تدبير المملكة، بعد قتل الملك الناصر حسن، وولي معه في الأمراء أخاه ثقبة، بسؤال عجلان، ووصل عجلان إلى مكة وثقبة عليل، ولم يدخل مكة حتى مات ثقبة؛ فولي معه في الإمراء ابنه أحمد بن عجلان٤؛ وذلك في شوال سنة اثنتين وستين، وجعل له ربع المتحصل يصرفه في خاصة نفسه، وعلى عجلان كافية العسكر، ثم إن "سندا" استولى على "جده" ونازع في الإمراء، فلم يتم له أمر، واخترمته المنية، ودامت ولاية عجلان وابنه إلى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ثم انفرد أحمد بن عجلان بالإمرة بسؤال أبيه له في ذلك على شروط شرطها، منها: أن لا يقطع اسمه في الخطبة، والدعاء على زمزم، فوفى له ابنه بذلك.

واستمر أحمد منفردا بالإمرة، إلى أن وليها معه ابنه محمد بن أحمد بن عجلان في سنة ثمانين وسبعمائة بسؤال أبيه على ما بلغني؛ إلا أن أباه لم يظهر لولاية محمد أثرا لاستبداده بالإمرة؛ وذلك لصغر سن ابنه، ودامت ولايتهما إلى أن مات أحمد بن عجلان في حادي وعشرين شعبان سنة ثمان وثمانين.

ثم استقل محمد بن أحمد بالإمرة، حتى قتل في مستهل ذي الحجة من هذه السنة، وكان عمه كبيش يدبر له الأمر، ولما قتل هرب، وكان رأيه أن ابن أخيه لا يحضر لخدمة المحمل؛ فلم يسمع منه وحضر فقتل، ولكنه فاز بالشهادة،


١ هذه لغة ضعيفة، والصواب أن يقال: وراح الأمراء.
٢ الدرر الكامنة ١/ ٥٣١.
٣ في ترجمته في الدرر الكامنة ٤/ ٤٣٨ رقم ١٢١٨.
٤ الدرر الكامنة ١/ ٢٠١، غاية المرام ٢/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>