للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

الكفالة في السنة المطهرة

حظيت الكفالة بالكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نذكر منها ما يأتي، مع الإشارة إلى شئ من الفقه:

أولا: روى أحمد، وأصحاب السنن عدا النسائي، والدارقطني، وغيرهم بطرق مختلفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الزعيم غارم)) (١)

وهذا الحديث الشريف يستفاد منه ما ذهب إليه الفقهاء من أن الكفالة من عقود التبرع، فالأصل فيها الغرم لا الغنم. لهذا يشترط في الكفيل أهلية التبرع، لأن الكفالة تبرع محض لا مصلحة فيها للكفيل، حتى إذا كانت عقد معاوضة انتهاء فهذا يعنى أنها تنتهي بقرض، والقرض عقد إرفاق لا مصلحة فيه للمقرض. ولذلك لا تصح الكفالة من الصغير، ولا من المجنون، ولا من المبرسم الذي يهذي. ولا تصح كذلك من المحجور عليه لسفه وإن أذن الولي، وقد ذهب إلى هذا جمهور الفقهاء. وقال القاض أبو يعلى الحنبلي: تصح الكفالة ويتبع بها بعد فك الحجر عنه، أي أنه اعتبر عدم الحجر لسفه شرط نفاذ لا شرط انعقاد. وقد رفض الحنابلة أنفسهم هذا الرأي وبينوا بطلانه (٢) .


(١) انظر سن إلى داود كتاب الببوع - باب تضمين العارية، وسنن الترمذي: كتاب البيوع - باب ما جاء أن العارية مؤداة، وسنن ابن ماجه: كتاب الصدقات باب الكفالة - الحديث رقم ٢٤٠٥، وسنن الدارقطني ٣/٤١ - كتاب البياع.. الخ. وراجع نصب الراية ٤/٥٧-٥٨، وعون المعبود - شرح الحديث رقم ٥٥٤٨ج ٩ ص ٤٧٨ - ٤٧٩، وتحفة الأحوذي في الموضع السابق من سنن الترمذي. واقرأ قول الخطابي في معالم السنن (٣/١٧٧) : "الزعيم الكفيل، والزعامة الكفالة، ومنه قيبل لرئيس القوم الزعيم لأنه هو المتكفل بأمورهم.
(٢) انظر المغنى٥/٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>