للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: لا ينكر دور العرف وأثره في الفقه الإسلامي ما دام لا يتعارض مع نصوص الشريعة، يقول ابن نجيم: " واعلم أن اعتبار العادة والعرف يرجع إليه في الفقه في مسائل كثيرة حتى جعلوا ذلك أصلًا ... "، ثم قال: " والحاصل أن المذهب عدم اعتبار العرف الخاص، ولكن أفتى كثير من المشايخ باعتباره، فأقول على اعتباره أن يفتى بأن ما يقع في بعض أسواق القاهرة من خلو الحوانيت لازم، ويصير الخلو في الحانوت حقًا له، فلا يملك صاحب الحانوت إخراجه منها، ولا إجارتها لغيره ولو كانت وقفًا، وقد وقع في حوانيت الجملوث بالغورية أن السلطان الغوري لما بناها أسكنها للتجار بالخلو، وجعل لكل حانوت قدرًا أخذه منهم، وكتب ذلك بمكتوب الوقف، وكذا أقول على اعتبار العرف الخاص".

ويقول ابن نجيم مضيفًا إلى ما سبق من مسائل: " وقد اعتبروا عرف القاهرة في مسائل، منها ما في فتح القدير من دخول السُّلم في البيت المبيع في القاهرة دون غيرها، لأن بيوتهم طبقات لا ينتفع بها إلَّا به " (١) .

بل إن المحققين من العلماء لا يبيحون لعالم يفتي إلَّا بعد معرفته بأحوال الناس، وأعرافهم، وأن يلاحظ عرف كل بلد، وفي هذا يقول ابن القيم: " ... فمهما تجدد في العرف فاعتبره، ومهما سقط فألغِهِ، ولا تجمد على المنقول في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك فلا تجره على عرف بلدك، وسله على عرف بلده فأجره عليه ... " (٢) .


(١) الأشباه والنظائر، لابن نجيم: ص٩٣ – ١٠٣ – ١٠٤، ويراجع: نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف، ضمن رسائل ابن عابدين، طبعة أستانة: ٢/١١٥ – ١١٨.
(٢) أعلام الموقعين، طبعة شقرون بالقاهرة: ٣/٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>