للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما التساؤلات التي وجهها الأخوة إلى بحثي فالدكتور عبد الله حفظه الله إذا مات المجني عليه أنا قلت: ان عدم السماح للجاني بإعادة يده هو منع المشاحنات وإثارة الأحقاد وإطفاء الغيظ إذا مات المجني عليه فالقضية تنتهي، أما ما ذكره من أن المحذور من إعادة اليد هو إغراء الجاني وتطمينه بأن يده ستعود، أنا قلت: إذا اتخذ ذلك سبيلاً ليكون ظاهرة عامة وشاع بين الناس أن كل يد ستعود عندئذ نحن مع القائلين بسد الذرائع ومنع المؤدي إلى كل فساد.

أما الاستفسار الذي قدمه الدكتور عبد الله علي، وهو التفرقة بين الإعادة الفردية ومنع الحالة الجماعية، فكل ما أدى إلى الشر فهو شر لمبدأ سد الذرائع، وهذه التفرقة مبنية على قضية مبدأ سد الذرائع، كل ما أدى إلى المباح فهو مباح وكل ما أدى إلى الفساد فهو فاسد وممنوع، فهذا سندي في التفرقة بين الأمرين.

وأما قوله: "إعادة اليد إقرار لفعل السارق " فهو، طبعاً، رأيه لا يوافق على هذه الإعادة، هو إذن ينضم مع طائفة القائلين بالمنع، والأخ الشيخ تقي العثماني، حفظه الله، أوضح بجلاء أن القضية مبحوثة عند الفقهاء ونقل لكم رأي الشافعي في الموضوع والقاضي أبي يعلى، والشيخ التسخيري أيضاً ذكر ذلك صراحة وأن المسألة قديمة، فإذن نحن لا نعالج أمراً جديدا من كل جوانبه وإنما كلام الفقهاء - رحمهم الله - لم يتركوا مجالا لنا في أن نقول إلا القليل، قول الشيخ التسخيري أنه يقول بالجواز المطلق لا لمجرد التفصيل إلا على سبيل الترتب، أيضاً، توضيح لا بأس به، ودليله بالأخذ بالاستحسان حجة قوية ولا يمكن مقاومتها من أحد، ولكننا نريد المقارنة بين المصالح والمفاسد، فالقضية إعادة اليد مصلحة واستحسان، كل أدلة الاستحسان وكل مبنى الاستحسان يؤيد هذا الاتجاه، وهو القول بالجواز فلا يستطيع أن يوجه أحد نقداً إلى أن إعادة اليد ليست استحساناً، وأنها ليست مصلحة ضرورية أو حاجية لهذا الجاني، فإذن نقض الاستحسان، في الحقيقة، لا يمكن لأحد أن يهدمه، لأن كل ما ذكر فيه ينطبق علينا وإنما القضية مقارنة بين مصلحة ومفسدة، هل إعادة اليد فيها مصلحة وإلا يغلب عليها المفسدة فهذه مقارنة بين المصالح والمفاسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>