للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بالنسبة للقصاص، فينبغي أن يفرق بين ما إذا كان الجاني منع المجني عليه من إعادة يده أو لم يمنعه، فإذا كان قد منعه من إعادة يده، بأسلوب أو بأخر، فلا يمكن الجاني من إعادة يده، معاملة بالمثل، أما إذا لم يمنعه بأن قال له: هذه يدك، فإن شئت فأعدها. وكان في وضع يتمكن من إعادتها، لكن المجني عليه أبى، فلا أرى وجهاً لمنع الجاني، إذا قطعت يده، من إعادتها مرة أخرى، هذا فضلاً عن أن لكل من المجني عليه والجاني أن يضع يداً أخرى لأن الغرض من القصاص قد تحقق بالنسبة للمجني عليه والجاني على حد سواء.

نقطة أخيرة أود أن أستفسر من الدكتور الزحيلي فرق بين الإعادة في الحالات الفردية وبين الإعادة العامة، وفي ظني أن التعليلات التي علل بها وثنى عليها أحد المتحدثين لا تكفي للمنع، ومن المعلوم أن من يحترف الجريمة سيستطيع إذا قطعت يده أن يذهب إلى مكان آخر وأن يعيد يده إذا وجد الوسيلة إلى إعادة يده. وهذه أمور قليلة. فالغرض من الحدود هو الردع، والردع يتحقق بالقطع، ثم إن الإعادة ليست من الأمور السهلة، كما أن الدكتور الزحيلي ذكر أن إعادة السارق ليده يعتبر بمثابة الرجوع عن الإقرار، ولا أظن ذلك كذلك. وشكراً.

القاضي محمد تقي العثماني:

بسم الله الرحمن الرحيم.

في الواقع إن أستاذنا الصديق الشيخ وهبة قد عرض علينا خلاصة البحوث ومن جملتها بحثي أيضاً، ولكني أريد أن أركز على نقطة واحدة تقدم بها هو في بحثه وهي التفريق بين حقوق العباد وبين حقوق الله، فذكر أن القصاص بما أنه من حقوق العباد فلا سبيل للمسامحة فيه، فإن إعادة العضو المبان في القصاص اعتداء على حق المجني عليه ولكن النقطة الأساسية هنا هل حق المجني عليه هو استيفاء القصاص مرة واحدة؟ أومن حقه أن يظل عضو الجاني منفصلاً عن جسده على سبيل الدوام بصفة دائمة؟ فإن ذهبنا إلى الأول، يعني أن وفاء حقه يتحقق باستيفاء القصاص مرة واحدة، فإن هذا الحق قد استوفي وقد انتهى أمره، فلا يمنع ذلك من أن يعيد الجاني عضوه إلى جسده بعملية طبية، وأما إذا قلنا بالثاني، يعني أن من حق المجني عليه أن يظل عضو الجاني منفصلاً عن جسده طول حياته، فهذا يصادم مبدأ المساواة في القصاص، فإن المجني عليه يجوز له إعادة عضوه ولا خلاف في ذلك، ولا يقول أحد: إن المجني عليه لا يجوز له إعادة عضوه، فإن قلنا إن الجاني لا يجوز له الإعادة والمجني عليه يجوز له، فإن هذا مناف لمبدأ المساواة بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>