للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد: بسم الله الرحمن الرحيم.

في الواقع أن تنقيح هذه المسائل هو تأسيس لهذه المستجدات في إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، لكن الأنظار تختلف في تنزيل هذه الأحكام على الأحكام الأصيلة هذه، هي تختلف باختلاف وجهات النظر فيها، فعلى كلٍّ هو الرأي أحيانًا قد يكون يبحث القضية من أصلها وأحيانًا يكون مشتركًا بين بحث هذا الأمر الواقع الجديد وربطة المعاملات السابقة.

الشيخ محمد علي التسخيري:

المشهور أن الصيغة معتبر في صحة العقد الصيغة القولية، وحتى في لزومه يعني في لزومه، إلا أنَّ الذي يبدو من خلال تتبع الأقوال ومن خلال الحقيقة التي ينبغي أن نعرفها قبل كل شيء وهي أن الشارع عندما جاء إلى معاملات عرفية جارية أمامه منع من بعضها وأمضى البعض الآخر ولم يرد من الشارع ما يؤكد علينا مسألة الصيغة اللفظية، فنستطيع بكل اختصار طبعًا لا أريد أن أفصل، نستطيع أن نقول: إن الصيغة تحقق العقد وإن ما يقوم مقامها يحقق العقد، من الإشارة ومن الكتابة وحتى العمل، وإذا استطعنا أن نصحح عقد المعاطاة له بحث مفصل والواقع بعد بحثي في هذا الموضوع ثبت لي أن بيع المعاطاة من حيث صحة البيع أو عقد المعاطاة عمومًا من حيث صحة العقد ومن حيث اللزوم مشمول لأدلة الصحة، سواء الآيات الكريمة أو الأحاديث النبوية الشريفة، وبالتالي فبيع المعاطاة صحيح ويؤدي للزوم العقد، وإذا تم هذا المعنى حينئذٍ سوف لن يكون للصيغة اللفظية دور مقوم لصحة العقد ولزومه، وقد فصلت في بحثي ذلك ولا أذكر التفصيل.

النقطة الثانية: موضوع الموالاة بين الإيجاب والقبول، الحقيقة أن الموالاة مطروحة في كلام الفقهاء ولكني لم أجد نصًّا يؤكد هذه الموالاة فهم أخذوها من فهمهم العرفي، والفهم العرفي هنا ربما يقوم على أساس أن العقد عمل تركيبي اتصالي وعقد ربط بين جانبين وحينئذٍ ينبغي أن تتم الموالاة بينهما، إلا أن الواقع أننا إذا نظرنا للأدلة يعني: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ، {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} ، وباقي الأدلة أدلة التسليط، كل هذه الأدلة لا تدل على هذه الصورة الاتصالية وإنما هي تصحح عملًا عرفيًّا، والعمل العرفي هنا لا يشترط فيه التوالي وخصوصًا التوالي القريب، يشترط أن يرتبط رضًا برضى. وهناك رأي آخر ووجيه جدًّا يقول بأن العقد أصلًا يتقوم بالإيجاب ولكن هذا الإيجاب لا ينفذ إلا بعد مباركة القبول له، كأنه القبول هنا يأتي بمنزلة الإجازة في عقد الفضولي إذا جرى عقد الفضولي ثم جاءت الإجازة بعد ذلك أَضْفَت عليه مباركة وربطا. فالمقوم ذلك، وربما يستند هذا الرأي الوجيه هنا إلى أن العقد في الواقع هو نتيجة هذه الأسباب وليس عين هذه الأسباب. هذه الأسباب توجد العقد، اللفظ يوجد العقد، العمل المعاطاة يوجد العقد، ولذلك في التعبير القرآني {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ، يعني أن العقدة هي النتيجة وهي تحصل بالإيجاب ومباركة القبول له، وحينئذٍ فالذي أراه من خلال بحثي الموجود هنا أن الموالاة، خصوصًا الموالاة المطروحة بكل قرب بين الإيجاب والقبول، لا تعتبر شرطًا في صحة العقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>