بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وشكرا لفضيلة الرئيس على إتاحة هذه الفرصة للكلام وإن كنت أكتفي في الكثير مما خطر في بالي لما سمعته من أصحاب الفضيلة المشائخ الذين أدلوا بملاحظاتهم وتعقيباتهم فكان فيه ما يغني عن تعقيبي خصوصا فيما يتعلق بالمعاملات التي استجدت وتحتاج إلى تصور تام، حتى يكون الحكم فيها وعليها حكما صحيحا لأن الحكم على الشيء فرع تصوره وإنما أردت أن أذكر شيئا مختصرا فيما يتعلق بقضية البيع قبل القبض هل هو خاص بالطعام أو هو شامل لغير الطعام؟ ولا ريب أن الخلاف كثير في هذه المسألة بين الفقهاء منذ القديم وإنما تراعى مقاصد الشريعة كما تراعى قواعد الشريعة في رد الجزئيات إليها، ومن مقاصد الشريعة السمحة سد أبواب الفساد، فلذلك نجد في كثير من الأحكام التي جاءت النصوص فيها ما يدل على أن قصد الشارع بها سد ذرائع الفساد وإن من أكبر الفساد الربا ولا ريب أن كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يشير إلى أن هذا النهي إنما كان لئلا يقع الناس في الربا ذلك دراهم بدراهم فقد يريد البائع في مثل هذه الحالة التوصل إلى صورة هي في الظاهر مجردة من الربا ولكن لحسم القصد هي منطوية على الربا لا يريد السلعة نفسها وإنما يريد أن يتوصل إلى الدراهم، وأنا سمعت من فضيلة الشيخ الأمين تعقيبا على فضيلة الشيخ الضرير في قوله بأنه لا يصح أن تجعل هذه الأحاديث التي جاءت ناصة في الطعام مانعا من الاستدلال بالأحاديث الأخرى، سمعت التعقيب، وفي هذا التعقيب ما معناه أنه لا ينبغي أن يقال ذلك لأن أحاديث الطعام متعددة والأحاديث الأخرى معدودة أحاديث قليلة – حديثان – وبجانب ذلك لا يخلوان من مقال، نعم هذا مسلم لو كان هناك تعارض ولكن ذكر الحكم الذي ورد للعموم في بعض الأفراد العام لا يخصص ذلك العموم، فينظر في تلكم الأحاديث أوفي ذينك الحديثين من حيث الصحة والضعف، ينظر من حيث الصحة والضعف لا من حيث جعل تلك الأحاديث التي وردت في الطعام معارضة لهذين الحديثين فترجح الأحاديث الكثيرة على الحديثين القليلين نظرا إلى أن الحكم إذا ورد في أمر خاص، وقد ورد عاما من قبل فإن ذكره لجزء من أجزاء العام أو فرد من أفراد العموم لا يخصص عمومه وإلا فقد وردت أحكام كثيرة في الكتاب وفي السنَّة عامة ثم وردت في نفس الوقت تلكم الأحكام نفسها في أفراد تلك العموم فضلا عن كون الاستدلال – كما قيل – بمفهوم اللقب وإن كان وردت رواية بلفظ "إنما"، ولكن قد يأتي هذا الحصر ولا يقصد به الحصر وإنما يقصد به التأكيد كحديث (إنما الربا في النسيئة) أو نحو ذلك. وشكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله.