أولا: أن يتقدم إنسان للمصرف ويطلب تحويل النقود إلى مصرف آخر:
وهذا تمهيد لعقد التحويل، ويبين فيه عادة مقدار النقود، وهل يقصد تحويلها إلى نقود من جنسها أم من غير جنسها؟ وبيان المصرف الذي يراد التحويل إليه وبيان الشخص الذي سيقبض البدل من المصرف الآخر أهو طالب التحويل أم غيره؟
ثانيًا: قيام الطالب بدفع النقود إلى موظف المصرف:
وهذا بعد سبق الطلب المبين يعتبر إيجابًا للتحويل الذي يعد قرضًا إن كان المقصود التوفية بمثله من جنسه: فالدافع مقرض والآخذ مقترض من المصرف والدفع إيجاب والأخذ مع ما بعده قبول والمال المدفوع هو محل العقد وكذلك المِثْل الذي يلتزم به المقترض معطي الصك، فإنه العوض. فهذا القرض المستوفي لمقوماته عقد صحيح جائز شرعًا حيث خلا من الموانع الشرعية. وما يتخيل مانعًا وهو العمولة سيأتي الكلام عليه.
وأما إن كان المقصود التوفية بنقد من جنس آخر فهو صرف، ومن شرائط صحة الصرف التقابض ولا تقابض في هذا الصرف، فيلتحق بالربا لعدم التقابض، هذا إذا اعتبرنا الأوراق النقدية نقودًا وضعية، وأما إذا اعتبرت سندات على الجهة التي أصدرتها بالقيمة المذكورة فيها من الذهب، فإن معاملة التحويل المذكورة بين جنس منه وجنس آخر تعتبر بيع دين بدين دون قبض أصلاً في مجس العقد، لأن ما تم تسليمه من أحد الجانبين هو سند (صك) بمبلغه وليس نقدًا، فهل من حل؟
فنقول جوابًا عن ذلك:
١- إننا نعتبر الأوراق النقدية المذكورة من قبيل النقود الوضعية لا من قبيل الأسناد المعترف فيها باستحقاق قيمتها على الجهة التي أصدرتها من دولة أو مصرف إصدار، وإن كانت هذه الصفة الأخيرة هي أصلها ومنطلق فكرة إحلال الأوراق النقدية المعروفة بين الناس باسم (بنكنوت) محل النقود الذهبية والفضية في التداول أخذًا وعطاءً ووفاءً ذلك لأن الصفة السندية فيها قد تنوسيت بين الناس وفي عرفهم العام وأصبحوا لا يرون في هذه الأوراق إلا نقودًا مكفولة حلت محل الذهب في التداول تمامًا، وانقطع نظر الناس إلى صفة السندية في أصلها انقطاعًا مطلقًا، تلك الصفة التي كانت في الأصل حين ابتكار هذه الأوراق لإِحداث الثقة بين الناس لينتقلوا في التعامل عن الذهب إليها حيث يعلمون أن لها تغطية ذهبية في مركز الإِصدار وأنها سند على ذلك المركز بقيمتها مستحق لحامله يستطيع قبضه ذهبًا متى شاء.