كذلك قضية التأجير المنتهي بالتمليك، هي قضية واضحة، التأجير المنتهي بالتمليك وهو أن يتفق صاحب المشروع أو الممول والمستفيد من هذا المشروع يتفقان على أن القيمة الأصلية المعروضة قطعًا هي نتيجة تكلفة زائد الربح الذي يريد أن يربحه الشخص الباعث للمشروع ويتفقان على أن الصفقة واقعة ويأخذ المشتري العقار ويسكنه ثم يدفع أقساطًا هي إيجار، هذا الإيجار ينتهي بالتمليك. ههنا قضية التمليك: كيف تنتقل الملكية؟ وهي مشكلة، هل يجوز أن يكون القسط الآخر أخر قسط هو ثمن الملكية؟ فإن وضع العقار في ذلك الوقت غير معروف ولا يجوز أن يباع الشيء وهو مجهول، لأنه لا يستطيع أن يخلص من جميع الأقساط إلا بعد عشرين سنة، فكيف يكون حال العقار بعد عشرين سنة؟ ولذلك كان المخرج الذي اتفق عليه في كثير من المؤتمرات، هو أن يكون وعد بهبة، أن يعده بأن يهبه، فهذا ملك عند نهاية الأقساط، ويترتب على هذا قضية أخرى موجودة في العالم الإسلامي وفي قوانين العالم الإسلامي وهو أن كل نقل ملكية وإن كانت على طريق الهبة فلابد لها من رسوم، وهذه قضية أخرى أيضًا لابد من اعتبارها.
ولذلك أراد كثير من الناس أن يقع البيع من الأول، وأن تكون الملكية من أول الأمر باسم الشخص الباعث للعقار ويكون الرسم مرهونا عنده - عند باعث العقار - باسم الشخص الذي يؤجر وينفقان على الإيجار وينتهي في النهاية إلى التمليك بدون رسوم عقارية جديدة، وعلى هذه الطريقة لا أرى في ذلك مانعًا.
عندنا الاستصناع، هل الاستصناع حل بديل؟ أنا حسب ما أعرف من المذهب الحنفي أن عقد الاستصناع هو عقد ليس ملزمًا وللطرف أن يتخلى عن العقد، وعقد كهذا لا يصح أن يقوم عليه التعامل بين الباعثين وبين المستفيدين.
الأمر الذي أريد أن أؤكد عليه هو أن صورة العقد إذا كانت حلالًا بمعنى أننا استطعنا أن نكيفه تكييفًا شرعيًا، فينبغي أن لا يقع فيه خلاف لأن العقود إذا افترضنا أن تكون في صورتها حلالًا وفي بواطنها حرامًا وهو أن الشخص الذي قام بها يقصد الحلال في كل عملية من معاملاته وليس يتحايل على ذلك فإننا لا نصل إلى نهاية، لأن قضية الباطل هي قضية عند الله.
قضية جمع عقدين في عقد تكاثر الحديث عنه، وجمع عقدين في عقد أصله الحديث الذي روي ((عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن بيعتين في بيعة)) وتأويل هذا الحديث هو عند الفقهاء تأويل كثير، فالحنفية يئولونه تأويلًا والحنابلة يئولونه تأويلًا والمالكية يئولونه تأويلًا، وبذلك فإن جمع العقدين في عقد هي عقود خاصة نص عليها المالكية أنها لا تجمع، أما الإجارة فإنه يجوز جمعها مع البيع، وأما عند أشهب فهذه العقود كلها يجوز أن تجمع مع بعضها.