شكرًا سيدي الرئيس، الحقيقة أن أكثر البحوث التي اطلعت عليها ودققت فيها والذي وصلني هو بحث الدكتور البوطي، وهذا البحث الحقيقة لا يخلو من دقة فقهية عميقة حينما أبرز الحق كحق مجرد عن كل المعاني الأخرى، وهو الذي يطرح: هل يمكن أن يتنازل عنه أم لا؟ فيقول: إن حق المخترع وحق المؤلف قد اكتسبه من هذه الصنعة التي أوجدها أو الأمر الذي اخترعه أو الفكرة التي ألفها. فهل يمكن نزعها منه؟ هل يمكن أن تنزع؟ يتوصل إلى أنه لا يمكن أن تنزع؛ لأن هذه الفكرة طالما هو الذي ابتدأ بإصدارها فلا يمكن أن يتجرد عنها مهما انتقلت إلى غيره ستبقى باسمه، وكذلك بالنسبة للاختراع، وهذا في الحقيقة فكر دقيق، وقد توصل إلى أنه لا يمكن بيعه، وحكم على العقد بالبطلان، ولكن في الواقع يمكن لنا أن نخرج من هذا البطلان بتعريف المال عند الإمام الشافعي رحمه الله، فإنه يقول: لا يقع اسم المال إلا على ما له قيمة يباع بها، وتلزم متلفه وإن قلت، وما لا يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه ذلك، فإذا رجعنا إلى لفظ ما في اصطلاح الأصوليين فإنها من ألفاظ العموم، وهي تشمل الأعيان، المنافع والحقوق، وأي شيء يمكن أن يعاوض بقيمة، أو له قيمة في الواقع يباع بها، فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا الحق يمكن أن يباع وفق هذا النظر الشافعي، ثم قد وضعوا أيضًا لتمول الشيء – الشافعية أقصد – من ضوابطهم في تمول الشيء أن كل ما يقدر له أثر في النفع فهو متمول، وكل ما لا يظهر له أثر في الانتفاع فهو لقلته خارج عما يتمول.
ثم لي ملاحظة على تخريج الحق على المنافع، الواقع أن المنفعة شيء آخر، المنفعة مال في نظر جماهير الفقهاء ما عدا الحنفية فإنهم نظروا إليها بمنظار آخر.
ملاحظة على الدكتور الزحيلي حفظه الله، يقول: إن الحق المعنوي حق عيني والواقع أن أهل القانون الذي أثاروا المسألة وسموه بالحق المعنوي لم يسموه بالعيني، وإنما جعلوه صنفًا آخر ليس من الحقوق الشخصية، وليس من الحقوق العينية، بل أعطوه اعتبارًا خاصًّا بالنظر لطبيعته. وشكرًا.