وبعد، فالذي دعاني إلى إقامة الصندوق عمل الخير "التأمين الخيري" زميلي سماه "التأمين التعاوني" وأنا أسميه "التأمين الخيري"، على أساس الزكاة ثم على أساس مصرف التنمية يعني الينبوع هو مصرف التنمية الإسلامي، ما نراه ونعلمه من استبعاد فكرة إقامة التأمين الخيري هذا فورا على أساس خيري بحت، وهب أنه قام وتنادى إليه موسرو المسلمين، فكيف يتم صرف وتشغيل أمواله؟ ومن هم أولئك المستفيدون منه؟ وهل نضمن قيام هذه المؤسسة دون استغلال؟ أما فيما ذكرت، فلو أن الناس لم يتبرعوا افتراضا لصندوق عمل الخير وبقيت أموال الزكاة فقط، فاستثمرت بيد أناس عاملين عليها ثم رد رأس مال الصندوق وهو محض الزكاة للفقراء وأخذت الأرباح لصندوق عمل الخير لكان كافيا ولا ضرر في تأخير إعطاء الفقير الزكاة ولا في استثمارها على أساس الضمان لا الأمانة، كي لا يضيع حق الفقير في رأس المال. والذي يجلب لنا فائضا من الزكاة هذه صندوق التنمية الأساسي الذي يستثمر أموال الناس بما يشبه شركة المضاربة في الفقه الإسلامي. فكلما كثرت أموال الناس في مصرف التنمية، كثرت الزكاة ومن ثم كثرت أرباح الزكاة؛ لأن المال يجر المال، ثم وجدت ذلك كله في صندوق عمل الخير.
بقيت مسألة واحدة هي: هل نستطيع ... ؟ هذا مبدأ لا علاقة له مباشرة بهذا البحث ولكن هو أساسي يمكن أن يبني عليه هذا البحث هل يصح أن يرابي الإنسان مع كافر في دار الحرب مباشرة؟ الذي أعرفه في مذهبنا الحنفي وحرره العلامة ابن عابدين في حاشية " رد المحتار " أن أموال الحربيين في بلادهم تجوز لنا بربا أو ميسر أو قمار بشروط:
أولها أن يكون التسلم والتسليم هناك في بلادهم، وأن يكون ذلك بمحض رضاهم وألا يؤدي ذلك إلى ضرر بمال المسلم أو دينه أو كرامته. وأن غلب الظن على النفع، لا أن تكون المسألة مراهنة.
هذا الذي ذكره علماء مذهبنا وعلى هذا الأساس نستطيع أن نوظف بعض أعمال صندوق التأمين الخيري هذا، في بلاد ذات نسبة فائدة عالية كأمريكا. لا أدري بقية المذاهب ما تقول في هذا الأمر، يكفي أن مذهبا معتبرا من المذاهب الكبرى يفتي بهذا ولدي النص مع رقم الصفحة ورقم الجزء، وحينما تريدون أن أدلكم فأنا أستطيع أن أدلكم على ذلك لمن لا يعلم ذلك. وفي اعتقادي أن الجميع يعلمون هذا أو الأكثر، على كل، إذا استطعنا أن نؤسس على هذا جواز وضع هذه الأموال هناك في استرباحها عن طريق الفائدة مع الحربيين في بلادهم بشروطها، نمت هذه الأموال وازدادت وحصل لدينا مؤسسة تأمينية خيرية إسلامية، والله تعالى الموفق، اللهم هذا رأيي فيما وصلت إليه لا أزعم أنه الحق فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان غير ذلك فمني، وأستغفر الله تعالى، وشكرا.