للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد اللطيف جناحي:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد،

لا بد من بسط الموضوع بصورة موجزة فجزى الله الأمانة كل خير فقد طبعت البحث ووزعته وأنا أشكرها على همتها واهتمامها بما قدم لها وما أنيط إليها من أعمال.

البحث الذي بين أيديكم استعرضت فيه التأمين بشكل موجز، بينت نشأته وشرحت طبيعة العقد مستخلصا ذلك من القوانين الوضعية، القانون الإنجليزي والقانون البلجيكي والقانون المصري. ثم تطرقت لعناصر العقد ومبادئ العقد وخصائص العقد، وأيضا تناولت نظريات الباحثين الذين تناولوا موضوع التأمين، ثم انتقلت إلى أنواع الأخطار المغطاة. هناك أخطار الأشخاص حيث يعوض الشخص عند بتر يد له أو رجل له لا قدر الله، أو عند فقد دخل متوقع أو دخل كان مصدر رزقه. وأيضا من أنواع الأخطار، أخطار الممتلكات، كتأمين عمارة أو تأمين سيارة أو تأمين مسكن. وأخيرا أخطار المسئوليات المدنية. وكلنا يعلم أننا نستخدم مركبات، وهذه المركبات معرضة للحوادث وهذه الحوادث قد تؤذي الآخرين في أموالهم وفي أجسادهم، فلا بد من تعويضهم، أو هناك مهنيون كالأطباء والمهندسين فلو أخطأوافي عملهم، طبيب الأسنان لو طلب منه خلع السن فجرح الشفة مثلا طلب منه التعويض، ومسألة التعويض المدني مسألة واسعة جدا ومنتشرة في أمريكا الآن بشكل فظيع حتى أن أرقام هذه التعويضات وصلت إلى الملايين ووصلت إلى أرقام خيالية. في الصفحات الأخيرة من البحث شرحت أهم أنواع هيئات التأمين القائمة في العالم، لذا لن أتعرض بشرح تفصيلي لما ذكرته حفاظا على وقتكم الثمين. وممكن من الحوار أن نجيب على الاستفسارات التي لدى حضراتكم. ولكن أود أن أشير إلى بعض النقاط التي أرى أنها تستحق أن يلقى الضوء عليها. نحن لا نختلف أبدا على أن التأمين ضرورة من ضروريات الحياة، وضرورة ملحة، وما التأمين إلا حماية منشودة لحفظ المال من الهلاك أو حفظ الخلف من الضياغ عند وفاة رب العمل. فهل الإنسان عندما يحتاج إلى شيء أول ما ينظر ينظر ما حوله في بيته؟ هل يوجد ما يغطي حاجته في بيته؟ سؤالنا هنا: هل يوجد في ديننا الحنيف ما يغنينا عن التأمين بصيغته القائمة في العالم الغربي والشرقي؟ هذا سؤال نضع عليه علامة استفهام. ليس كل النظريات التي تطبق في الشرق والغرب صالحة أن تطبق عندنا. ومشكلتنا وعلتنا أننا نأتي بالنظريات الغربية والشرقية ونطبقها في بلادنا، وقد تكون تلك النظريات ناجحة لديهم ولكنها تفشل عندنا. قضية كبيرة، قضية ظروف يجب أن ندرسها يجب ألا نكون مقلدين، فلا بد إذن أن ننطلق منطلقا فكريا إسلاميا، نغير المنطلق الفكري، وألا نقوم باستيراد أفكار أجنبية ونؤسلمها، نلبس هذه النظريات ونلبس هذه الأفكار العمة الإسلامية ونقول الآن أسلمت. هذا في الواقع محظور يجب أن نتجنبه. وإذا اتبعنا هذا الأسلوب، أسلوب أن نأتي بالنظريات الغربية، هذا الأسلوب سيبعدنا عن تاريخنا الإسلامي الغني، تاريخنا الإسلامي غني بالخيرات، فلابد أن نبحث فيه ونبحث عن كنوزه الثرية لكي نستنبط. إنني أدعو علماءنا الأفاضل إلى أن يدلوا وأن يكثروا نشاطهم وأن يكثفوا نشاطهم في فريضة عظيمة هي فريضة الزكاة. ليبحثوا لنا هل في هذه الفريضة ما يغنينا عن استيراد التأمين بهذا الشكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>