أولا، تكون هذا المجمع وأريد منه أن يتوصل إلى حلول نوحد بها تشريعات الأمة. أريد لهذا المجمع أن يكون وسيلة فقهية لتوحيد الأمة، فلا يجوز لهذا المجمع أن يتوصل إلى قرار نختلف فيه؛ لأننا بذلك نضيف خلافا جديدا وهذا الخلاف لا يحقق لا مقاصد الأمة ولا المقاصد الأساسية لتكوين هذا المجمع الفقهي الإسلامي الأصيل. ولكي يمكن لنا أن نتوصل إلى حلول موحدة إسلامية بنظر إجماعي نستطيع بها أن نوحد، أنا بدون شك أدعو بالبديل الإسلامي لا لأن كل ما هو كائن هو مخالف للشرع الإسلامي أبدا، وإنني في ذلك أصرح بأنني مع الأستاذ الزرقاء تماما، مع تقديري للمشاعر الصادقة وللعمل الغزير الذي تفضل به الأستاذ الدكتور وهبة، ومع العقلية الفقهية الكبيرة لأستاذنا السلامي الذي تكلم أخيرا بعقلية المفتي الواقعي، لكني مع ذلك أطالب بالبديل الإسلامي؛ لأن أمتنا يجب أن تتميز وهي أمة متميزة.
أما كيف نتوصل إلى حلول أو منهج موحد، الحقيقة كلنا متفقون على الكتاب والسنة لا يمكن أن يختلف فقيه أو غير فقيه في قضية أن الكتاب هو المصدر الأول للشريعة الإسلامية. ولكننا قد نختلف في التفسير، علينا أيضا أن نتفق، أن نضع خطة موحدة ومنهجا واحدا للتفسير، كيف نفسر القرآن الكريم أو الآيات والأحكام؟ وتعلمون أن أول الأصوليين من الفقهاء المسلمين قد نبغوا في هذا الميدان حتى أن الغربيين فقهاء القانون الغربي، مع تعمقهم ومع تقدم قوانينهم لحد الآن هم عالة على أصولنا في كثير من أفكارهم. وإني درست مدارس التفسير الغربي، تفسير القوانين، فرأيتهم كأنهم تلاميذ مبتدئون في مسألة التفسير، وفي مسألة الاستنباط لا بأس أن نقف عند الكتاب والسنة. وفي هذا أيضا نشير إلى قانون عريق في القانون الغربي، وهو القانون المدني الفرنسي. القانون المدني الفرنسي وضعه أناس بشر، ومع ذلك قدس هذا القانون ومعظم القانونيين الغربيين الفرنسسين بالذات والذين يمثلون القانون الروماني العريق بدون شك في تنظيمه للمسائل القانونية، نظروا إلى هذا القانون على أنه مقدس، ولم يسمحوا للقضاة بالخروج على نصوص القانون المدني الفرنسي، رغم أن القانون المدني الفرنسي معلوم أنه صدر في أواخر القرن الثامن عشر، والتطورات الاقتصادية والتطورات التجارية والتطورات الصناعية كلها حدثت بعد صدور هذا القانون، مع ذلك استطاع هذا القانون أن يواجه هذه القضايا المستجدة بفضل فقه الفقهاء الفرنسسين الذين استطاعوا أن يفسروا وأن يتعمقوا في التفسير، وبدون شك أنهم استفادوا من نظرة الأصوليين كثيرا، حتى أحدهم يقول: أن منهج البحث العلمي الحر الموجود في فرنسا هو مستنبط من منهج فقه أبي حنيفة.