وأما الوجه الذي ذكره الرهوني، فهو رأي وجيه متجه وهو بمثابة ضابط لرأي أبي يوسف، لئلا يمضي رأيه في كل رخص أو غلاء ولو يسيرا، فتضطرب المعاملات وتتزعزع ثقة الناس في التبادل بالفلوس ومثلها الأوراق النقدية. ولأن الغبن اليسير أو الغلاء والرخص اليسير لا تخلو منه المعاملات، ولو تُقُيِّدَ به دخل على الناس العسرُ في معاملاتهم لكن التغيّر في القيمة إذا كان كثيرا فإنه يترتب عليه ظلم على أحد الطرفين في الرخص والغلاء.
ولأن الدافع أولا لم يدفع – في غير القرض وأشباهه إلا بقصد الانتفاع والربح، وهذا هو الأصل في المبايعات، ولذا احتج الرهوني بقوله: إن البائع إنما بذل سلعته في مقابلة منتفع به، لأخذ منتفع به، فلا يظلم بإعطائه ما لا ينتفع به. والظلم متحقق حتى في القبض، وهو عقد إرفاق، ولو لم تقدر القيمة عند التغير الكبير لتحرج الناس من عمل الخير لئلا يجلب لهم ضررا.