للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل هذه الإجراءات من أجل كفالة الحياد التام لهيئة التحكيم؛ نظرًا لأن حكمها نهائي وملزم للطرفين ولا يستطيع أي من الطرفين – طبقًا لنص القانون المدني المصري- اللجوء للقضاء إلا في إطار ظروف وأسباب محددة- نصت عليها المادة ٥١٢- يصعب تحقيقها.

أما أن يحدد الحكم المرجح بالاسم مسبقًا من قبل البنك ويرأس هيئة التحكيم، ويحكم في النزاع بمفرده في حالة عدم قيام أي من الطرفين باختيار مُحَكِّمِهِ خلال خمسة عشر يومًا من إخطاره بذلك فهذا يخالف العرف وما جرى عليه العمل بشأن التحكيم.

ب- الموقف القانوني لناقل البضاعة:

ورد بأحد نماذج الوعد بالشراء بأن الناقل للبضاعة يعتبر بصفته وكيلًا عامًّا للشحن – وكيلًا لطرفي العقد باستلام البضاعة من وقت تحميلها على ظهر الباخرة من قبل المصدر في ميناء الشحن وحتى ميناء الوصول. (١)

ونحن نرى أن هذا النص قد جعل من ناقل البضاعة بصفته وكيلا عاما للشحن وكيلا للبائع، فهذا صحيح، حيث إنه مكلف من قبله بالقيام بعملية الشحن أما أن نجعله أيضًا وكيلا عن المشتري باستلام البضاعة فهذا غير صحيح قانونًا؛ نظرًا لأن البضاعة حتى تلك اللحظة لم تدخل في ملكية المشتري فعلًا أو مستنديًّا حيث إنها ما زالت في الخارج، كما أنها لم تدخل بعد في حوزة البنك فعليًّا. وإنه طبقًا لقواعد عقد البيع بالمرابحة للآمر بالشراء فإن عقد البيع بالمرابحة للآمر بالشراء يشترط فيه تملك البنك للسلعة المباعة، وهذا التملك إما بدخولها لمخازنه أو حصوله على مستندات الشحن الخاصة بها وهذا غير متوفر. وحتى لو توفرت شروط الملكية للبنك فإنه إذا حدثت أي تلفيات أو هلاك للبضاعة فإن البنك يتحمل هذه الخسارة كلية ولا يتحمل الآمر بالشراء شيئًا منها، فكيف يكون الناقل للبضاعة وكيلا له باستلامها وهو – أي الآمر بالشراء - لم يتملكها بعد.

جـ- الوضع القانوني لرهن البضاعة المباعة ضمانًا لحق الطرف الأول:

ورد بأحد عقود البيع بالمرابحة التزام الطرف الثاني بأن البضاعة ملكه موضوع هذا العقد مرهونة رهنًا تأمينيًّا لصالح الطرف الأول حتى استيفائه لكامل الثمن المتفق عليه وله عليها حق امتياز البائع. (٢)

ونود أن نشير هنا إلى أن الرهن من التأمينات العينية الخاصة التي يقدمها المدين للدائن ضمانًا للدَّين. والرهن ينقسم لنوعين: رهن حيازي، ورهن رسمي.

والرهن الحيازي يقتضي نقل حيازة المال المرهون من يد المدين "الراهن" إلى يد الدائن "المرتهن" ويكون للدائن أن يحبسه حتى يستوفيَ حقه. وهو يرد على العقار والمنقول.

أما الرهن الرسمي فإنه يرتب للدائن حقًّا عينيًّا على المال المرهون دون أن تنتقل حيازة هذا المال إلى يد الدائن بل تبقى حيازته في يد المدين الراهن وهو لا يرد إلا على العقار دون المنقول، فهو الذي يمكن رهنه رهنًا رسميًّا.

والرهن بنوعيه يعتبر من الحقوق العينية التبعية، بمعنى أن الرهن الذي يقوم ضمانًا للقرض يتبع القرض من حيث وجوده وعدمه ومن حيث صحته وبطلانه، وينقضي الرهن حتمًا بانقضاء الدَّين، كما أن الرهن بنوعيه يخول للدائن مزيتي التقدم والتتبع، فمزية التقدم تخول للدائن اقتضاء حقه من المال المرهون متقدمًا على سائر الدائنين العاديين ومتقدمًا على الدائنين المرتهنين التالين له في مرتبة الرهن، ومزية التتبع تخول للدائن اقتضاء حقه من المال المرهون تحت أي يد يكون قد انتقلت ملكية المال المرهون من المدين إلى الغير (كالمشتري مثلًا) يستطيع الدائن المرتهن التنفيذ على المال المرهون تحت يد من انتقلت إليه ملكيته واقتضاء حقه منه. (٣) والرهن بنوعيه مصدره العقد. حيث ينشأ كل منهما بموجب عقد.


(١) بند ٣ من نموذج الوعد بالشراء لبنك فيصل الإسلامي المصري
(٢) المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية – البند السادس من عقد البيع بالمرابحة
(٣) الموسوعة العلمية للبنوك الإسلامية – الجزء الخامس ص ٢٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>