٤ – أن التراضي من أهم ركائز العقود والمعاملات في الإسلام، وحيث إن الطرفين تراضيا على الالتزام بالوعد فإنه ينفذ طالما لم يتفقا على ما يخالف نصا شرعيا، وأن هذا الإلزام لا ينافي مقصود العقد.
٥ – أن ما يسوقه البعض (١) من أنه كان هناك إلزام بالوعد فإن العملية تكون قد تمت، وفي ذلك مخالفة للحديث الشريف ببيع الإنسان ما ليس عنده، هذا فضلا على أنه لا يكون هناك داع لإبرام عقد البيع عند حضور البضاعة، هذا القول مردود عليه بأن الاجتهاد الفقهي والتطبيق العملي المعاصر على أن عقد الوعد ليس بعملية بيع، وأنه ينصب على الوفاء بالوعد فقط، بدليل أنه يمكن تعديل الثمن أو شروط السداد في عقد البيع بعد ورود البضاعة والوقوف على تكلفتها الفعلية؛ ولذلك لا تحتوي عقود الوعد في البنوك الإسلامية على ثمن البيع مرابحة بل تذكر بقيمة إجمالية – احتمالية – في طلب الشراء، ولذلك لا يتم عقد البيع إلا بعد ورود البضاعة فعلا للبنك.
وفي نهاية هذا المبحث نورد ملاحظة عامة تتعلق بترتيب الإجراءات في مرحلة المواعدة، فلقد تبين لنا أنها لا تمر وفق الخطوات المنطقية التي ذكرناها (طلب شراء – دراسة العملية- إبرام عقد الوعد) ، بل الذي يتم هو تقديم طلب الشراء كبيان بالبضائع مع إبرام عقد الوعد في نفس الوقت، والذي يكون على نفس نموذج طلب الشراء، ثم يبدأ البنك في دراسة العملية، فإن وجدها مجدية استمر فيها وإلا توقف عنها، وهذا الإجراء يتعارض أولا مع الترتيب المنطقي للعملية، وثانيا أنه في حالة الأخذ بالالتزام بالوعد للطرفين ورأى البنك بعد الدراسة عدم جدوى العملية يعتبر مخلا بالوعد، ولكن الذي يحدث في بعض البنوك أنه غير مخل بوعده، وفي ذلك تناقض بين الإطار النظري والتطبيقي لدى هذه البنوك، بل أننا وجدنا بعض البنوك تذهب في المخالفة إلى أبعد من ذلك فتبرم عقد البيع مع عقد الوعد عند تلقي طلب الشراء.
(١) د. الصديق الضرير – ندوة البركة – مرجع سابق ص: ١٠٢