للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- إن القول: بأن قصد السائل إصلاح حال امرأته ... إلخ، إن هذا القول غير صحيح، إذ من أين يحصل العلم بأن الزوج لا يفعله؟ وعلى أن يكون في حال الوعد غير متمكن مما وعد به، ومن أين يعلم عدم تمكنه منه في المستقبل؟ وإذا تعذر العلم بجميع ذلك، تعين أن يكون سؤال الزوج لاحتمال عدم الوفاء أو العزم على عدم الوفاء فسوغ له عليه الصلاة والسلام ذلك، لأن عدم الوفاء لا يتعين أو لأن العزم على عدم الوفاء على تقدير أن عدم الوفاء معصية، ليس بمعصية. (١)

ثانيا: ومما استدل به هذا الفريق على قولهم: بأن الوعد غير ملزم، ما أخرجه أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((إذا وعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه)) (٢) .

وأجيب عن هذا الحديث بما أجيب به عن الحديث الذي سبقه.

ثالثا: ومما استدل به أصحاب هذا الرأي أيضا، أن الرجل إذا وعد وحلف واستثنى – بأن قال إن شاء الله – فقد سقط عنه الحنث بالنص والإجماع المتيقن فإذا سقط عنه الحنث، دل على أنه لم يلزمه فعل ما حلف عليه.

وبما أن الوعد لا يصح بدون استثناء، لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٣) . دل على أن من وعد ولم يستثن، فقد عصى الله تعالى في وعده ذلك، ولا يجوز أن يجبر أحد على معصية، فإن استثنى فقال " إن شاء الله تعالى أو إلا أن يشاء الله تعالى أو نحوه مما يعلقه بإرادة الله عز وجل فلا يكون مخلفا لوعده إن لم يفعل " (٤) .

ويجاب على هذا الاستدلال، بأن الاستثناء في الوعد سنة وليس بواجب، ولم ينقل عن أحد من العلماء بأنه يحرم الوعد بغير استثناء، حكى القرطبي عن ابن عطية قوله " وتكلم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين، والآية ليست في الإيمان وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين " (٥) .


(١) انظر أدرار الشروق على أنوار الفروق لابن الشاط والمطبوع بأسفل الفروق ٢١/٤
(٢) انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود ٣٣٩/٣ وذكر ذلك صاحب الفروق في ٢١ / ٤
(٣) سورة الكهف آية ٢٣- ٢٤
(٤) انظر ابن حزم في المحلى٣٠/٨
(٥) انظر الجامع لأحكام القرآن ٣٨٥/١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>