للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شروط الربح:

يشترط في الربح عند إبرام عقد المرابحة أن يكون معلومًا، لأنه جزء من الثمن، والعلم بالثمن شرط في صحة البيوع كلها.

أحكام المرابحة:

للمرابحة أحكام متعددة، منها ما يظهر قبل إنشاء العقد ومنها ما يتأخر ظهوره لحين إبرام العقد، وسأقتصر في هذا البحث على أهم الأحكام التي ذكرها الفقهاء في موضوع المرابحة، مبتدئًا الكلام عن الأحكام التي تظهر قبل إنشاء العقد.

حكم ما لو حدث بالسلعة المراد بيعها مرابحة عيب:

إذا حدث بالسلعة عيب في يد البائع أو في يد المشتري، فأراد بيع تلك السلعة المعيبة مرابحة، فإن كان العيب قد حدث بفعله أو بفعل أجنبي، لم يجز له بيع المبيع مرابحة حتى يبين للطرف المتعاقد معه العيب، وهذا محل وفاق بين فقهاء المسلمين رحمهم الله.

أما لو حدث العيب بآفة سماوية، فقد اختلف الفقهاء في اشتراط بيان ذلك أو دعم اشتراطه على قولين:

أولًا: ذهب الجمهور إلى اشتراط بيان حدوث العيب للمشتري الثاني: مدللين على رأيهم هذا بما يلي:

أ- أن البيع مع السكوت على العيب لا يخلو من شبهة الخيانة، لأن المشتري الثاني لو علم بحدوث العيب في يد المشتري الأول، لما أربحه على السلعة شيئًا.

ب- أن المشتري الأول عند بيعه المبيع بعد حدوث العيب عنده، قد احتبس جزءًا منه، فلا يملك بيع الباقي من غير بيان العيب، وصار كما لو احتبس بفعله أو بفعل أجنبي.

جـ- أن المبيع السليم غير المعيب، فالغرض يختلف من حالة لأخرى.

هذه وجهة نظر نفر من الحنفية، (١) وبه قالت الحنابلة (٢) والشافعية (٣) والمالكية (٤) وإلى هذا ذهبت الزيدية، وذلك كما قالوا: للخروج عن التهمة المنهي عنها (٥) وهو رأي الإمامية أيضًا (٦)

ثانيًا: ذهب الحنفية ما عدا زفر إلى القول: بأن المبيع إذا أصابه عيب بآفة سماوية، فللبائع أن يبيعه مرابحة بجميع الثمن دون أن يشترطوا عليه إيضاح العيب للمشتري، حجتهم في هذا هي: أن الفائت من المبيع جزء لا يقابله ثمن، لأنه وصف، بدليل أنه لو فات بعد التعاقد عليه قبل أن يحوزه المشتري، لا يسقط بحصته شيء من الثمن، لهذا فإن بيانه والسكوت عنه بمنزلة واحدة، وما يقابله من الثمن قائم بجميع أجزاءه، فللبائع بيع المعيب مرابحة في هذه الحالة دون أن يشترط عليه بيان العيب، لأنه يكون بائعًا ما بقي من المبيع بعد العيب بجميع الثمن.

والفرق عند الحنفية بين حدوث العيب بآفة سماوية وبين حدوثه بفعل يد إنسان هو: أن الفائت من المبيع في الحالة الأخيرة أصبح مقصودًا بالفعل وصار مقابله ثمن، فيكون المشتري قد حبس جزءًا من المبيع يقابله شيء من الثمن، فلا يملك بيع الباقي مرابحة دون العيب. (٧)


(١) انظر الكاساني في البدائع
(٢) انظر المغني ١٣٨/٤
(٣) انظر مغني المحتاج ٧٩/٢
(٤) انظر المدونة ٢٢٨/٤ وكذا الشرح الكبير ١٦٤/٣
(٥) انظر البحر الزخار ٣٧٩/٤
(٦) انظر مفتاح الكرامة ٤٩١/٤
(٧) انظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ٧٨/٤، البدائع٧/٣٢٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>