للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا نص ابن رشد في (المقدمات) (١) : (فصل) والعينة على ثلاثة أوجه جائزة ومكروهة ومحظورة، فالجائزة أن يمر الرجل بالرجل من أهل العينة، فيقول له: هل عندك سلعة كذا ابتاعها منك؟ فيقول له: لا، فيخبره أنه قد اشترى السلعة التي سأل عنها فيبيعها بما شاء من نقد أو نسيئة، والمكروهة أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا فأنا أربحك فيها وأشتريها منك، من غير أن يراوضه على الربح، والمحظورة أن يرواضه على الربح، فيقول له: اشتر سلعة كذا وكذا بعشرة دراهم نقدا، وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقدا، والثانية أن يقول له: اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى أجل، والثالثة عكسها، وهي أن يقول له: اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أشتريها منها بعشرة نقدا، والرابعة أن يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر نقدا، والخامسة أن يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل، والسادسة عكسها، وهي أن يقول له: اشترها لنفسك، أو: اشتر، ولا يزيد على ذلك باثني عشر إلى أجل، وأنا ابتاعها منك بعشرة نقد، فأما الأول: وهو أن يقول: اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر نقدا، فالمأمور أجير على شراء السلعة للآمر بدينارين؛ لأنه إنما اشتراها له، وقوله: وأنا أشتريها منك، لغو لا معنى له؛ لأن العقدة له بأمره، فإن كان النقد من عند الآمر أو من عند المأمور بغير شرط فذلك جائز، وإن كان النقد من عند المأمور بشرط فهي إجارة فاسدة؛ لأنه إنما أعطاه الدينارين أن يبتاع له السلعة وينقد من عنده الثمن عنه فهي إجارة وسلف ويكون للمأمور إجارة مثله إلا أن تكون إجارة مثله أكثر من الدينارين، فلا يزاد عليهما على مذهب ابن القاسم في البيع والسلف، إذا كان السلف من غير البائع وفاتت السلعة أن للبائع الأقل من القيمة بالغة ما بلغت، يلزم أن يكون للأمور ههنا إجارة مثله بالغة ما بلغت، وإن كانت أكثر من الدينارين، والأصح أن لا تكون له أجرة؛ لأنا إنا جعلنا له الأجرة كانت ثمنًا للسلف فكان تتميما للربا الذي عقدا فيه، وهو قول سعيد بن المسيب، فهي ثلاثة أقوال فيما يكون له من الأجرة، إذا نقد المأمور الثمن بشرط، وهذا إذا عثر على الأمر بحدثانه ورد السلف إلى المأمور قبل أن ينتفع به الآمر، وأما إن لم يعثر على الآمر حتى انتفع الآمر بالسلف قدر ما يرى أنهما كانا قصداه فلا يكون في المسألة إلا قولان، (أحدهما) أن للمأمور إجارته بالغة ما بلغت، (والثاني) أنه لا شيء له، ولو عثر على الآمر قبل الابتياع وقبل أن ينقد المأمور الثمن، لكان النقد من عند الآمر، ولكان فيما يكون للأجير قولان: (أحدهما) أن له إجارة مثله بالغة ما بالغة ما بلغت.


(١) المقدمات: ٢/٥٣٧- ٥٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>