وعلل الدكتور الشرباصي هذا التوسع في مفهوم "تنظيم الأسرة" بقوله "إذا كان العرف قد جرى على استعمال كلمة (تنظيم الأسرة) فيما يتعلق بالذرية فقط فينبغي أن نصحح هذا العرف وأن نعيد إلى الكلمة مفهومها الواسع العميق لأن هذا التصحيح يلفتنا إلى واجبات اجتماعية من جهة، وهو يفيدنا في معالجة تضخم السكان من جهة أخرى".
أما من وجهة الدين الإسلامي كما قال الدكتور الشرباصي، فإن "الحكم الشرعي الإسلامي في موضوع تنظيم الأسرة، من ناحية قلة الذرية وكثرتها ينهض على الاستنباط والاجتهاد أكثر مما ينهض على إيراد النصوص، إذا لم تكن مشكلة تضخم السكان من المشكلات التي تعرض لها الناس في صدر الإسلام أو في عهد التشريع، والاجتهاد هنا ينبغي أن يكون النظر فيها متطلعًا إلى ما فيه المصلحة ودفع الضرر، مع عدم الخروج عن المبادئ الدينية أو الأصول الشرعية، بناء على القواعد المقررة شرعًا، من أن الضرر يزال، وأنه حيثما كانت المصلحة فهناك شرع الله. والقرآن الكريم يقول {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}[سورة المائدة الآية ٦] والملاحظ في الشريعة الغراء أن الأمر الذي يتغير أو يتبدل بتغير ظروف الإنسان أو الزمان أو المكان لا تنص الشريعة فيه على وضع موحد ثابت أو نص صارم قاطع، بل تكله إلى اجتهاد البصراء من علماء الأمة في نطاق مصادر التشريع الإسلامي، وفي ضوء قول الله تعالى {ولوردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}[سورة النساء ٨٣] .
هذا القول كاد أن يكون محور البحث والنقاش في المؤتمر من وجهة النظر الإسلامية في موضوع تنظيم الأسرة، ولم تكد أبحاث الباحثين تخرج عن هذا القول إجمالًا عند الكلام على نظرة الإسلام، وإن خرجت في مجالات أخرى يتعلق معظمها بمضمون تنظيم الأسرة من الوجهة الدنيوية. وأشار الدكتور الشرباصي إلى أن تنظيم الأسرة قديم يرجع عهده إلى أيام النبي صلى الله عليه وسلم وقال "لقد ورد في السنة النبوية ما نستطيع أن نعهده وسيلة غير مباشرة لتنظيم الأسرة. فقد روى أبو داود عن أسماء بنت يزيد حديثًا قاله النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن المعاشرة الجنسية بين الزوجين بصورة تؤدي إلى الحمل في مدة الرضاع إذا كان هناك طفل لها ما زال يرضع. وهذا الحديث يقول "لا تقتلوا أولادكم سرًا، فإن الغيل يدرك الفارس قيد عثرة"، والغيل هو أن يعاشر الرجل زوجته معاشرة جنسية وهي ترضع ولدًا لها بحيث تحمل وهي ما زالت ترضعه".