للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التوقيت وهذا العموم مقول على كليهما بالتفاوت ولا شك أن اعتبار هذه الضرورة عند حلولها أولى وأجدر من اعتبار الضرورة الخاصة، وأنها تقتضي تغييرا للأحكام الشرعية المقررة للأحوال التي طرأت عليها تلك الضرورة. وليست أمثلة هذا النوع من الرخصة بكثيرة. فمنها الكراء المؤبد الذي جرت به فتوى علماء الأندلس ابن سراج وابن منظور في أواخر القرن التاسع في أرض الوقف حين زهد الناس في كرائها لزرع الأرض من وفرة الخدمة ووفرة المصاريف لطول تبويرها، وزهدوا في كرائها للغرس والبناء لقصر المدة التي تكتري أرض الوقف لها ولا بنية الباني أو الغارس أن يبني أو يغرس ثم يقلع ما أحدثه في الأرض فأفتى ابن سراج وابن منظور بكرائها على التأبيد، ورأيا أن التأبيد لا غرر فيه لأنها باقية غير زائلة ثم تبعهما على ذلك أهل مصر في القرن العاشر بفتوى ناصر الدين اللقاني في أحكار الأوقاف وجرى العمل بذلك في المغرب في فاس وتونس في العقد المسماة عندنا في تونس بالنصبة والخلو [المفتاح] وفي فاس بالجلسة والجزاء (١) .

وأصبح ذلك تقليدا فاشيا وعرفا شائعا وعم الأملاك أيضا – لما ذكرته سالفا – علاوة على الأوقاف.


(١) مقاصد الشريعة الإسلامية ١٣٣ – ١٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>