للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والارتباط بين خطاب الوضع وخطاب التكليف ارتباط محكم إذ خطاب الوضع عبارة عن المعطيات الخارجية التي لا أثر للإرادة فيها وخطاب التكليف هو مناط الثواب والعقاب أو العفو مع الفرق بين النظر الكلي والنظر الجزئي فلا يستقل خطاب التكليف عن خطاب الوضع. ولا يستقل خطاب الوضع عن خطاب التكليف وقد يكون الأمر الواحد خطاب تكليف بالنظر إلى جهة وخطاب وضع بالنظر إلى جهة أخرى. فالقتل العمد العدوان حرام وهذا خطاب تكليف. وكون هذا القتل سببا للقصاص خطاب وضع وهذا السبب يتعلق بالحاكم فيكون تنفيذ حد الله واجبا في حقه.

والصبي قد يتعدى على مال غيره فيفسده. فالتعدي سبب لغرم الضرر الحاصل. والقائم على أمر الصبي مطالب بأن يجبر الضرر من مال الصبي. فإن لم يكن للصبي مال بقي السبب موجودا وتعطل السبب عن إبراز الحكم لانعدام المال في الحال فمتى وجد المال زال المانع وترتب الحكم التكليفي الذي هو وجوب غرم الضرر.

ففي حال الصبي غير الرشيد الذي يملك أموالا يديرها ناظروه وجد خطاب الوضع في فعل الصبي وتعلق الحكم التكليفي بالولي لينفذ ما ترتب على السبب من الغرم. وكل سبب لا يؤثر إلا عند اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، والبيع حكمه حلال في الأصل وقد تعرض له الأحكام الخمسة وإذا تحقق البيع فإنه تترتب عليه إثارة من انتقال الملك واستحقاق الثمن إلى آخر أحكام البيوع إلا أن البيع إذا تم بين شخصين ولم يكن على الطريقة الشرعية اعتبره الشارع معدوما ولا أثر للوجود الخارجي. فتقدير الواقع مرتفعا هو حكم من خطاب الوضع – فالصبي إذا ما باع ماله فالبيع قد وقع في الخارج إلا أن هذا البيع لا تترتب عليه آثاره أصلا وإلا بعد إجازة الولي. فجعل هذا الحدث كأن لم يكن موجودا تقدير شرعي.

والذمة هي من التقديرات الشرعية – ذلك أنه لا يوجد شيء في الخارج مشخص هو الذمة- ولا هي وصف حقيقي فهي إذن من خطاب الوضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>