للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا أصل يقاس عليه حرمة الكلام ومنعه بين اثنين بلغة لا يفهمها ثالثهما متى كانا يحسنانها طبعًا.

فالصلة قد وجدت وتحققت في فرع لم ينص عليه , فيحكم فيه بمثل حكم الأصل.

وقد صح عن عائشة رضي الله عنها: ((إنا كنا أزواج النبي عليه الصلاة والسلام عنده , فأقبلت فاطمة رضي الله عنها , فلما رآها رحب بها ثم سارها)) . أخرجه البخاري. يقول البغوي: ففيه دليل على أن المسارة في الجمع حيث لا ريبة ولا شك جائزة، والله أعلم. ج ٣ ص ٩١.

ومن المعلوم أن القياس أصل هام من أصول التشريع يقول بعض علماء الأصول: نظير الحق حق , ونظير الباطل باطل , وهو معمول به من طرف الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين بصفة عامة.

وقد أنكره إبراهيم النظام المعتزلي (٢٢١هـ) وداود الظاهري (٢٧٠ هـ) وحاربه ابن حزم (٤٥٦ هـ) وبالغ في إنكاره , وألف رسالة سماها" إبطال القياس". وتبعا للقياس يلاحظ أن الشارع أثر عنه تعليل الأحكام بالمصالح المترتبة عنها.

وإذا صح القياس بناء على تعليل الأحكام من طرف الشارع بالأوصاف المناسبة كما شرحنا سابقًا وجب تبعًا لذلك أن يصح اعتبار المصلحة المطلقة والمرسلة؛ لأن الشارع علل كثيرًا من الأحكام بالمصالح الناجمة عنها.

وهذه أمثلة لما ذكرنا:

أ) علل وجوب الوضوء بالطهارة , وعلل وجوب الصلاة بما يترتب على حسن أدائها من البعد عن الشرور والآثام.

ب) وعلل النهي عن شرب الخمر ولعب الميسر باتقاء المضار المترتبة عليها.

قال سبحانه وتعالى:

{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>