فالإنسان المسلم يقيم من ضميره ووجدانه حارسًا رقيبًا يتعقب أعماله وتصرفاته يأمره وينهاه ويصده عن البغي والاعتداء ويجعله مثالا في الإنصاف والعدل ينصف الناس من نفسه حتى ولو كان التشريع والقانون ظاهريًا في جانبه ولفائدته.
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد)) .
أي: أن صاحبه مسؤول عنه ومردود عليه , ويناله العقاب من أجله.
والتشريع الإسلامي يقرر أن المسلم مطالب باحترام حقوق الآخرين وأن القاضي بشر يخطئ ويصيب , وعلى المحكوم لفائدته أن يرد نفسه عن غيها وينهاها عن فجورها , فإذا كان القضاء لفائدته وهو يعلم أنه مخالف للحقيقة , فالواجب يقتضيه أن لا يستفيد من ذلكم الحكم , وأن يعترف بالحقيقة , وأن ينصف الناس من نفسه.
يقول عليه الصلاة والسلام:
((إنما أنا بشر , وإنكم لتختصمون إلي , ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض , فأقضي له على نحو ما أسمع منه , فمن قضيت له بشيء من حق أخيه , فلا يأخذنه , فإنما أقطع له قطعة من نار))
وعن أبي أمامة أنه صلى الله عليه وسلم قال:
((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة , وأوجب له النار. قالوا: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك. قالها ثلاث مرات)) .
كما يمكن أن نلاحظ أن الدين الإسلامي الحنيف في احترامه للحقوق جاء ناهيًا عن تجاوز الحق والإفراط فيه حتى ولو كان ضد المعتدي , فلا يمكن أن يجازى الإنسان عما اقترف من إثم بعقاب يتجاوز حدود ما صنعه واقترفه.