والإسلام يمنح الحرية الفردية في أجمل صورها والمساواة الإنسانية في أدق معانيها , ولكن لا يتركهما فوضى , فللمجتمع حسابه , وللإنسانية اعتبارها , وللأهداف العليا للدين قيمتها , لذلك يقرر مبدأ التبعة الفردية في مقابل الحرية الفردية , ويقرر إلى جانبها التبعة الجماعية التي تشمل الفرد والجماعة بتكاليفها وهذا ما ندعوه بالتكافل الاجتماعي. انتهى.
ويقول الغزالي في الإحياء:
إنه لا يجوز أن يستعمل الإنسان حقه في غير الغاية الاجتماعية التي منح من أجلها الحق.
ويقول أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات (ص ٣٤٨ وما بعدها) :
"إن من يثبت حقه الشرعي في أي أمر فإنه يمنع من استعماله إذا لم يقصد من ذلك إلا الإضرار بالغير".
ويقول القاضي الأستاذ زهدي يكن في محاضرة له عن المسؤولية المدنية، نشرية القضاء والتشريع التونسية ملحق عدد جانفي ١٩٦١:
"إن فكرة المصالح المرسلة دليل على المرونة المباحة في دائرة الشريعة نفسها , ويمكن أن نفهمها فهمًا عصريا بأنها اتخاذ ما يقتضيه الصالح العام , ويمكن أن نجعل أساسًا لها جميع القيود التي أوجبتها القوانين والأنظمة تقييدًا لحرية الأفراد في ملكيتهم من أجل الصالح العام , فحق الملكية حق فردي مقدس , إلا أنه يضحى به في سبيل المصلحة العامة عن طريق الاستملاك , وقد زيد في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام , واشتري الزائد من أصحابه في غير ضرار حينما كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك , ويحسن أن ننوه بما صرح به الزرقاني في شرحه على الموطأ من أنه من الممكن اتخاذ أحكام جديدة في الظروف التي تطرأ عليها حوادث جديدة ولا غرو في تبعية الأحكام للأحوال. انتهى.