للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة الإيثار لغة واصطلاحاً:

الإيثار لغة: مأخوذ من آثر، يقال: آثرته به، أي: خصصته به وفضلته (١) .

الإيثار اصطلاحاً: عرف بتعريفات منها:

(أ) هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية؛ رغبة في الحظوظ الدينية ... (٢)

(ب) الإيثار: هو أن يجود بالمال مع الحاجة إليه (٣) .

والإيثار أرفع درجة في السخا؛، إذ السخاء هو بذل ما يحتاج إليه لمحتاج أو لغير محتاج، والبذل مع الحاجة أشد، وليس بعد الإيثار درجة في السخاء، وقد أثنى الله تعالى على الصحابة رضي الله عنهم فقال: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} .

منشأ الإيثار: ينشأ الإيثار عن (قوة اليقين بالله، وغاية المودة، وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة) ، وذلك يختلف باختلاف أحوال المؤثرين، كما روي في الآثار أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل من أبي بكر ماله، ومن عمر نصف ماله، ورد أبا لبابة وكعب بن مالك إلى الثلث، لقصورهما عن درجتي أبي بكر وعمر؛ إذ لا خير له في أن يتصدق ثم يندم فيُحْبِط أجرَه ندمُه.

- هذا هو المنشأ الحقيقي للإيثار في نظر الإسلام.

أما الإيثار من أجل الحصول على المال، أو الجاه، أو الذكر الحسن وما إلى ذلك من أسباب النفع الدنيوي، فإنه لا يكون إيثاراً، ولكنه يكون بيعاً وتجارة، وهو بيع وتجارة فيما حرم الله بيعه أو التجارة فيه، فيكون حراماً.


(١) في المعجم الكبير ج١ ص ٢٩٢ (أثره إيثار) : اختاره وقدمه وآثر فلاناً على فلان: فضله عليه وقدمه، ومنه قوله تعالى على لسان إخوة يوسف: {تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ} . وفي مختار القاموس ص ١٣: ( ... آثره أكرامه، وآثر اختار، واستأثر بالشيء استبد به.
(٢) القرطبي: ج١٨ ص ٢٦، وابن العربي: ج٢ ص ٢٤٦، وحاشية الصاوي على الجلالين.
(٣) إحياء علوم الدين ج٣ ص ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>