للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- بدن الإنسان (١) :

يتردد البحث في بدن الإنسان، قولاً، وتخريجاً على بعض القواعد الأصولية، والقواعد الفقهية الكلية ـ بعبارات كلها بمعنى.

فيقال: بدن الإنسان مملوك له أو لا؟

ويقال: بدن الإنسان مملوك له أم هو أمين ووصي عليه؟

ويقال: بدن الإنسان حق لله، أو حق للعبد، أو حق مشترك، وأي الحقين أغلب؟ ثم إذا قيل بملكية الآدمي لبدنه، وأحقيته له، فهل هي مثل تملكه للمال والمتاع، تدخل عليه مطلق التصرفات من بيع، وهبة، وتبرع، وإسقاط، ونحو ذلك مما يدور في محيط المصلحة، وتحقيقها كالشأن في التصرف في الأموال لا يكون إلا بدائرة المصالح، فلو كان مبذراً سفيهاً، حجر عليه، ومنع من التصرف في ماله، وأقيم عليه وصي لإدارة شؤونه على ضوء المصلحة.

وإذا قيل بأنه حق لله تعالى، فهل حق الله سبحانه وتعالى: هو الاستعباد، وحق العبد: الاستعمال والاستمتاع، والانتفاع؟ فكما أن له في حال الجناية عليه: حق الإسقاط وأخذ العوض، والمجازاة في العمد عليه، فله حق التصرف ابتداء في عضو ونحوه تبرعاً، كما أن له بنص الشرع: الخوض في معارك الجهاد الشرعي، وإلقاء نفسه حال المسابقة والمبارزة ومقاتلة المشرك لينال سلبه.

كل هذا محل تجاذب ونظر، ولم ينفصل عنه راقموه بكبير شأن، وإن كان أظهرها اجتماع الحقين: حق الله، وحق عبده، وتغلب أي منهما يختلف باختلاف الأحوال والتصرفات، ومعلوم أن ما اجتمع فيه الحقان، فإن إسقاط العبد لحقه مشروط بعدم إسقاط حق الله تعالى، وحق الله تعالى هو الغاية من خلق الآدميين {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذرايات: ٥٦ فليس له حق التصرف في بدنه بما يضر في الغاية من خلقه ولا بما يخدشها، والله أعلم.


(١) بحوث دار الإفتاء بالرياض ١/٢٥ ـ٢٦، ٢ / ١٨ـ ١٩، ٣/٢ـ٤، ٢٤ مجلة البعث الإسلامي، ج/٤٣٢/٢ ص/٤٥ ـ ٥٥، تعريف أهل الإسلام: ٤، ١٣، ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>