حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن نائب أمير منطقة مكة المكرمة الموقر
حضرة صاحب المعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي المبجل
أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة المكرمين.
أيها الجمع الكريم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد
إن الأيام والشهور لتجري متوالية متعاقبة إلى قدر. وقد مضى على اجتماعنا السابق بهذه القاعة من مقر مجمعكم الموقر ستة وعشرون شهراً تفصلنا عن الدورة الثانية لأعمال مجلسكم الفقهي هذا، كما مضى على انعقاد الدورة الثالثة بعاصمة البلقاء عمان ستة عشر شهراً، ونحن فيما بين الدورة الأخيرة ودورتكم الرابعة هذه نعيش وتعيش الأمة الإسلامية أحداثاً جساماً لا يمكن أن يغفل عن ذكرها أحد، كما أنه من اللازم أن تتوافر الجهود المخلصة للدعاة والساسة والعلماء على مواجهتها؛ تصحيحاً للمسار، وتخليصاً للديار، وجمعا لكلمة الأمة الإسلامية، ومعالجة لقضاياها المتنوعة في مجال السياسة والنضال والاجتماع والاقتصاد ونحوها بروح من الدين القيم ومدد من هدي الرحمن.
فالحرب المشتعلة بين الأختين الشقيقتين المسلمتين العراق وإيران دخلت عامها الثامن وهي لا تزيد إلا استعاراً. تهدم الديار، وتقوض المعالم، وتبيد الأبرياء، وتلتهم الطاقات الحية المسلمة التهاما، وتجر بعيداً إلى الوراء مجتمعا إسلامياً كنا نعده قوة ومكاسب، فإذا هو يطويه التباب والوباء ويمحقه الدمار والفناء، وعبثاً توسطت أطراف متعددة، وصدرت الدعوات والقرارات من أجل وضع أوزار هذه الحرب وإطفاء نارها، وهي إن لم تجد مواجهة صادقة فسوف تستشري في المنطقة كلها وتصبح تهديداً للسلم العالمية، ومن المعلوم أن الإسلام صلح على الحقيقة، ألا ترى أنه لا قتال بين أهله وأنهم يد واحدة على من سواهم، وقد أمرنا الله بالتقوى وإصلاح ذات البين في قوله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
كما دعانا عز وجل إلى صيانة الأخوة الإسلامية وحمايتها من كل تصدع فقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .
وما يجري بأفغانستان من إبادة جماعية للمسلمين وتقويض للمدن والقرى، وقتل للأنفس البشرية البريئة على أيدي الدخلاء وعملائهم ليحمل العالم بأسره على تقدير ومظاهرة جهود المجاهدين الذين يستميتون في سبيل إعلاء كلمة الله وحماية عقيدتهم وتحرير بلادهم المسلمة من كل عدوان.