وقد أدرك الناس مكانة العلم في القرآن الذي هو دستور الإسلام.
ولذا فإنه من الخطأ أن يتوهم أحد أن العلم هوما أتانا به الغرب إذ الحقيقة أن إشاراته وإيماءاته العملية نزلت مع نزوله منذ أربعة عشر قرنًا وحقائق القرآن لم تتغير ولم تتطور في ذاتها وإنما الذي تغير وتطور العقل البشري الذي لما تطور فكره واستنار عقله وتوسعت مداركه وجد القرآن على حقيقته الأصيلة الخالدة كنزًا من كنوز المعرفة ومعجزة تدعو إلى الإيمان به وتصديقه وأنه ليس من صنع البشر وإنما أكملت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.
وبهذا يثبت لدينا أن العلوم الطبيعية الحديثة منسجمة تمام الانسجام مع القرآن الكريم وأنه دعا إلى النظر في العلوم وتعلمها والأخذ بها ليكون المتثقف المسلم والعالم المسلم صاحب إلمام واطلاع على معطيات العلم الحديث لأن بعد رجال الدين عن هذه العلوم شجع على انتشار الإلحاد بين أفراد شباب المسلمين المثقف.
إذ لا يمكن للعالم المسلم أن يوجه الشباب المسلم ما لم يكن مطلعًا على هذه العلوم ليخاطب الشباب بلغة العلم وبين الموافقة والانسجام بين نصوص الإسلام الشريفة وبين الحقائق العلمية التي أثبتها البحث والتجارب فيحفظ للشباب المسلم دينه ويمسكه عن الزيغ والإلحاد.
ثم إن المثقف المسلم إذا حاز العلوم الدينية، ومبادئ العلوم الطبيعية استطاع أن يثبت أمام أعداء الإسلام الذين يحاربون الدين باسم العلم أن هذا الدين قائم على العلم وأن آيات القرآن وتعاليمه تنسجم تمام الانسجام مع معطيات العلم الحديث في أصح مباحثه وأدقها ليتأكد أمام العالم (مسلمه وكافره) أن العلم الذي دعا القرآن إلى طلبه لم يكن العلوم الدينية فحسب إنما دعا إليها وإلى العلوم الطبيعية أيضًا.
وإننا لن نتطرق في بحثنا هذا إلا إلى النصوص الكريمة التي جاءت في –خلق الإنسان- فلأنها هي المبدأ لبحثنا والطريق إلى الوصول إليه.