نحمده ونستغفره ونتوب إليه، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ألا إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
والزكاة: أثيرت مشكلة زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية. هذه المشكلة فيما يبدو لي موجودة من يوم أن هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واحتاج المسلمون إلى أن الواحد منهم يتنازل عن نصف بيته أو نصف منزله إلى أخيه من المهاجرين. وقد وجدت هذه المشكلة وهي فاشية منتشرة من عهده صلى الله عليه وسلم وهي كراء الدور. ولكن الفاشي المنتشر إذا سكت عنه صاحب الشرع يعتبر أن سكوته حكم، فلم يوجب صلى الله عليه وسلم فيما رأينا وما عرفنا من نصوص السنة الشريفة وفيما عرفه الأئمة السابقون، يعني من نصوص السنة، والزكاة في العقارات. وإن قلنا بأن هذه المشكلة جدت وتطورت فهل حضارة بغداد وقاضي قضاتها أبو يوسف وحضارة القيروان وقاضيها سحنون وحضارة قرطبة، يعني لم تعرف هذه المشكلة، أيضًا وهي ما يتعلق بكراء العقارات. فجعلنا الزكاة واجبة في العقارات يقتضي من القائل به أن يعيدنا إلى مصدر من مصادر التشريع المعروفة وهي المجمع عليها أو المختلف فيها على الأقل وهي الكتاب والسنة وهما محل الإجماع، والإجماع على رأي أغلبية الفقهاء، ثم ما اتسع عند بعض الأئمة وضاق عند بعضهم كالمصالح المرسلة والاستصحاب. أما إن أردنا أن نجيب هؤلاء السائلين من الشيوعيين وغير الشيوعيين، فديننا يجيب في غير هذا. فعندنا دروب من المؤاساة الواجبة في الإسلام غير الزكاة، وذلك كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم ((إذا بات أهل عرصة في شبع وفيهم جائع فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله)) وكقوله صلى الله عليه وسلم حين أصابت الناس حاجة ((من كان عنده فضل زاد)) إلى غير ذلك، وكقول مالك بن أنس "إن لم توف الزكاة بحقوق الفقراء أنه يجب على الأغنياء إغناء الفقراء" وإلى غير ذلك من الوجود الكثيرة. وقد ورد في عهد الإمام علي للأشطر النخعي وهو من المتفق عليه بين أهل السنة وغيرهم، يعني أنه أوصى بالأرامل وبالأيتام وبذوي الحاجة وبذوي العجز إلى غير ذلك. فالزكاة تتسع لبعضهم ولا تتسع للكل، وفي الإسلام وفي بيت المال موارد أخرى. فإن أردنا تحقيق ذلك فعلينا أن نحقق ذلك إلى أي مصدر من مصادر التشريع نرجع أقوالنا هذه. وإن كان ما قلته صوابًا فمن فضل الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.