بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في بادئ الأمر أريد أن أذكر قضية النماء هل هو علة أو هو شرط؟ والواقع أن الإمام القرافي في فروقه ذكر الفرق بين السبب والشرط والمانع فجعل السبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، وجعل الشرط ما يوجب من وجوده العدم، وذكر الزكاة على أساس أنها سبب وأن الحولان هو الشرط وأن الدين هوا لمانع فلا يمكن أن نقول على أن النماء شرط وإنما الحولان هو الشرط والسبب أعم من العلة كما يعرف الأصوليون ذلك، وبالنسبة للزكاة، النصاب هو السبب في الأموال التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن يمكن أن نستخرج علة تشترك في صفة هذه الأموال ويمكن أن نقول: النماء علة لذلك، ولكن ليست العلة هي السبب الرئيسي الذي يرتبط به الحكم وجوبًا وعدمًا وإنما هي دالة على أن السبب الرئيسي في الحكم الشرعي الموجب للزكاة هو النصاب، على كل حال هناك اختلاف في وجهة النظر بين الأصوليين حول تعدية هذه العلة في الأموال التي تشترك فيها صفة النماء أو لا تشترك وهل هي قاصرة على محلها التي هي هذه الأموال بأنواعها المخصوصة المذكورة، هذه قضية.
القضية الثانية، في الواقع قضية التفرقة بين ما يستلزم من الحاكم أن يحقق نوعًا من العدالة أو التوازن بين الطبقات وهذا الأمر متروك لولي الأمر حسب الحاجة، ونستطيع أن نفرق بين الواجب كحكم شرعي وبين ما يوجبه ولي الأمر حسب حاجات المجتمع وتغيراته، فإذن هناك أحكام ثابتة حتى لو اقتصرنا على الأنواع المخصوصة التي ذكرها الفقهاء بالنسبة لأموال الزكاة إلا أن هناك أموالًا أخرى كما قال الإمام الشاطبي رضي الله عنه يمكن أن يوظف ولي الأمر ما يستلزم لدفع الجوائح عن المجتمع، وهذا مجال خصب تستطيع الدولة أو الحاكم أن يحقق كثيرًا من التوازن في المجتمع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.