الشيء الثاني، قضية أن نقطع جزءًا كحد أدنى للمعيشة بمقدار الثلث أو الربع أو ما شاكل ذلك، هذا أيضًا أمر مضطرب لأن الأغنياء لا يمكن أن يحد إنفاقهم شيء. فقد يكون الثلث بالنسبة إليهم لا يشكل شيئًا والثلث لآخرين يشكل شيئًا، فلذلك القضية مطاطة وقد يكونوا بهذا الثلث يحققون أهدافًا كبرى نظرًا لغناهم الفاحش، لهذا أرى أن نبحث الهدف من استثمار الأموال في المستغلات وكل نواحي الدخل التي تأتي للمسلم في عصرنا الحاضر، هناك دخول جديدة وهناك استثمارات جديدة وهناك توجيه للمال نحو ما يحقق الاسترباح والفائدة وجني أكبر قدر ممكن من الربح في شتى النواحي. فإذا وجد المجتمع أن العمارات تحقق ربحًا وقد أقبل الناس في فترة ما على هذا النحو من القطاع الاقتصادي، فتجد الأغنياء يتجهون إلى بناء العمارات لإيجارها وأخذ الربح منها، كذلك في جدة هناك مكاتب ليس فيها إلا مكتب وهاتف وموظف أو اثنان وهو يحرك العالم بهذا الهاتف وتأتيه دخول ضخمة من هذا التحريك، الحقيقة العامل الأكبر الذي يسيطر على الأغنياء في عصرنا الحاضر هو عنصر الاسترباح وعنصر جلب أكبر قدر ممكن من الربح، لذلك لا داعي لأن نقول إن الزكاة واجبة في هذا القطاع من النشاط الاقتصادي العمارات وغيره، وإنما يجب أن نقول إن كل ما هو متجر فيه – الحقيقة العمارات والدخول ومقالع الحجارة والسيارات وكثير من نواحي الاستثمار الحديثة يراد بها لربح- نقول: كل هذا في الحقيقة ينطبق عليه معاني التجارة، صحيح هو لا يعرضه للبيع ولا ينوي بيعه إلا بعد أن يكاد لا يحقق الهدف المرجو منه وهو أخذ أكبر ربح ممكن، عندما تزيد النفقات الاستهلاكية على الربح يبيع العمارة ويستغني عنها ويوجه استثماره إلى نشاط اقتصادي آخر، الحقيقة الغني اليوم يهمه أن يأتي أكبر دخل ممكن من هذا العمل، سميه تجارة، سميه استغلالًا، سميه أي شيء المهم لازم تفرض عليه الزكاة، ونحرك عوامل الإيمان في قلب هذا المؤمن، الحقيقة قرارات المجامع للآن لم تشكل قناعة عند الناس، فنريد أن يكون إذن لقرارنا مساس بقلوب وأفئدة المؤمنين ليندفعوا إلى القيام بواجبهم في تزكية أموالهم وتطهير نفوسهم. والحقيقة يمكن أن يطبق على كل هذه الاستثمارات الحديثة معنى التجارة وزكاة التجارة، وحينئذ نخرج من المآزق والخلافات الفقهية وتكون الزكاة ضمن ربع العشر ٢.٥ % وبعد حولان الحول، وأيضًا نتجاوز كل هذه المشكلات الفرعية، وإن كان للسادة الأفاضل جهد طيب عبأ بعض الأفكار لضرورة الاتجاه نحو تزكية هذه الأموال، الحقيقة نحن إذا اتجهنا ونظرنا إلى الموضوع نظرة أخرى، كل ما فيه استرباح يعني التجارة، وهذا اتجار في العمارات الحقيقية تجب فيه الزكاة، ولكن أنضم إلى الرأي الذي يقول بأن تلك الزكاة هي ربع العشرة ٢.٥ % ويكون ذلك بعد انتهاء الحول وحينئذ لا داعي لأن ندخل الناس، حتى العوام لم يقتنعوا عندما نقول لهم: زك عماراتك، زك سياراتك، زك الغلة الناتجة، فهو في الحقيقة لن يقتنع في هذا الموضوع ... وشكرًا.