الحالة الأولى الكساد العام للنقد: وذلك بأن توقف الجهة المصدرة للنقد التعامل به، فتترك المعاملة به في جميع البلاد، وهو ما يسميه الفقهاء بكساد النقد. ففي هذه الحالة لو اشترى شخص سلعة ما بنقد محدد معلوم، ثم كسد ذلك النقد قبل الوفاء، أو استدان نقدًا معلومًا ثم كسد قبل الأداء، أو وجب في ذمته المهر المؤجل من نقد محدد ثم كسد قبل حلوله، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال:
القول الأول لأبي حنيفة: وهو أن النقد الذي كسد إذا كان ثمنًا في بيع، فإنه يفسد العقد ويجب الفسخ ما دام ممكنا؛ لأنه بالكساد خرج عن كونه ثمنًا؛ لأن ثمنيته ثبتت بالاصطلاح، فإذا ترك الناس التعامل به فإنها تزول عنه صفة الثمنية، فيبقى المبيع بلا ثمن، فيفسد البيع , أما إذا كان دينا في قرض، أو مهرا مؤجلاً، فيجب رد مثله ولو كان كاسدًا؛ لأنه هو الثابت في الذمة لا غيره.
القول الثاني لأبي يوسف، والحنابلة على الراجح عندهم، والمالكية في غير المشهور: وهو أنه لا يجزئ رد المثل بعد ما كسد، ويجب على المدين رد قيمة النقد الذي وقع عليه العقد يوم التعامل من نقد آخر. وإنما اعتبرت القيمة يوم التعامل؛ لأنه وقت الوجوب في الذمة.
والقول الثالث لمحمد بن الحسن الشيباني وبعض الحنابلة: وهو أنه يجب على المدين رد قيمة النقد الذي وقع عليه العقد من النقد الآخر وقت الكساد، أي في آخر نفاقها، وهو آخر ما تعامل الناس بها؛ لأنه وقت الانتقال إلى القيمة، إذ كان يلزمه برد مثلها مادامت نافقة، فإذا كسدت انتقل إلى قيمتها وقتئذ.
الشيخ عبد الله البسام:
هذا هو المشهور لمن؟
الشيخ نزيه حماد:
مشهور المذهب.
والقول الرابع للشافعية والمالكية على المشهور عندهم: وهو أن النقد إذا كسد بعد ثبوته في الذمة وقبل أدائه، فليس للدائن سواه، ويعتبر هذا الكساد كجائحة نزلت بالدائن، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدين قرضا أو ثمن مبيع أو غير ذلك.