لم تعرف البشرية إرضاع المواليد من بني الإنسان بألبان الحيوانات على نطاق واسع إلا في القرن العشرين. وقد بدأت تلك الموجة في أثناء الحرب العالمية الأولى (١٩١٤م – ١٩١٨م) في أوروبة لانشغال كثير من الأمهات في المجهود الحربي، ثم زاد ذلك ضراوة بخروج المرأة الأوروبية إلى ميدان العمل، واستمرت الزيادة باضطراد إلى بداية الحرب العالمية الثانية حينما قل إنتاج المصانع من الألبان المجففة بسبب الحرب، ثم عاد الأمر أشد مما كان بعد انتهاء الحرب عام (١٩٤٥م) ، واستمر الخط البياني للألبان المصنعة في أوروبة والدول الصناعية الأخرى يوالي صعوده طوال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.
ولكن منذ بداية السبعينيات وإلى اليوم ازداد الوعي بأهمية الرضاعة نتيجة الأبحاث المتعددة التي أثبتت فوائد الرضاعة وأضرار الألبان المجففة على أطفال بني البشر.
وبدأت الرضاعة تزداد يومًا بعد يوم في البلاد المتقدمة صناعيًا رغم العوائق الكثيرة التي تقف أمام الرضاعة، وأهمها خروج المرأة إلى ميدان العمل، وعدم تفرغها للرضاعة، مما دعا المنظمات العالمية إلى زيادة إجازة فترة النفاس والرضاع وإلى شهرين بدلًا من أسبوعين، وإلى تهيئة مكان قريب من مكان العمل تستطيع المرضع فيه أن تعود إلى طفلها كل ثلاث ساعات لترضعه ثم تعود إلى العمل. وقد انتشر هذا النظام في الولايات المتحدة، ووجدت الشركات والدوائر الحكومية أن إيجاد مكان مناسب لحضانة الأطفال الرضع أثناء عمل الأم، والسماح للمرأة بإرضاع طفلها لا يعوق عملها، ولا يقلل من الإنتاج، بل ربما حسن من أداء المرأة العاملة بعد أن تطمئن على طفلها وإرضاعه.