الشيوخ والمسنون بين رعاية الإسلام ومقولات العلم الحديث
* مسؤولية رعاية المسنين.
* النظريات الأوروبية والأمريكية لرعاية المسنين.
* نحو رعاية أفضل للشيوخ والمسنين. (اقتراحات وتوصيات)
الفصل الأول
الشيوخ والمسنون بين رعاية الإسلام
ومقولات العلم الحديث
تمهيد:
أبدع للهُ الإنسانَ وجعله يمر في مراحل متعددة في حياته الدنيوية، فيبدأ وليدًا ثم طفلًا، ثم مُراهقًا ثم شابًا قويًا، فرجلًا، فكهلًا، ثم يصبح شيخًا ضعيفًا، قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}[الروم: ٥٤] .
وإن ديننا العظيم نظّم هذه العلاقة وهذّب خلق المسلم فيها، فقال المولى عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٣ – ٢٤] .
ففي هذه الآية أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الوالدين، جاعلًا ذلك مقترنًا بعبادته تعالى، ويتضح من الآية الكريمة التلطف وحسن المعاملة والأدب من الأبناء إلى آبائهم.
فالشيخوخة مرحلة عصيبة من مراحل العمر. وذلك لحاجة صاحبها لرعاية الآخرين له لما أصابه من ضعف بعد قوة قد تصل إلى عدم القدرة على القيام بشؤونه الدنيوية، والرعاية والخوف من تقصير الآخرين، وخاصة منهم الأبناء فالأقرب فالأقرب.
وفي نهايات هذا القرن تَنَادَى العالمُ بالاهتمام بهذه الفئة، وقد بلغ هذا الاهتمام ذروته حينما خصت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٨٢م سنةً دولية للمسننين، بينما إسلامنا العظيم أعطى هؤلاء المسنين حقوقهم كما أعطى الجميع حقوقهم , لم يغفل مرحلة دون أخرى، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣] .