للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول بعض المالكية:

وفي كتب المالكية، ذكر الشيخ زروق في شرح "الرسالة": أن في المذهب خلافًا في حكم زكاة الأشياء التي تتخذ للانتفاع بغلتها، كالدور للكراء، والغنم للصوف، والبساتين للغلة، وهذا الخلاف في أمرين:

الأول: في ثمنها إذا بيعت عينها.

والثاني: في غلتها إذا استفيدت.

فالقول المشهور في الأول: أن يستقبل بثمنها حولًا. كعروض القنية (الممتلكات الشخصية) إذا بيعت.

والقول الآخر، ينظر إليها كعروض التاجر المحتكر، وحكمه عند المالكية معروف، وهو أن يزكى ما يبيعه منها في الحال، إذا كان العرض قد بقي في ملكه حولًا أو أكثر.

وهذان القولان يردان في غلة هذه الأشياء وفائدتها، كما أشار إلى ذلك الشيخ زروق، وقال: انظره في المطولات. (١)

والذي يهمنا هنا هو القول الثاني، الذي يزكى فوائد "المستغلات" عند قبضها.

مذهب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم:

وكل من قال بتزكية "المال المستفاد" عند تملكه (بلا اشتراط حول) يقول بتزكية الإيراد الناتج عن استغلال العمارات وإنتاج المصانع وأجرة السيارات والطائرات والأجهزة وأدوات الفراشة ونحوها.

وسنرى في بحثنا عن المال المستفاد في الفصل القادم: أن هذا هو مذهب ابن عباس وابن مسعود ومعاوية والناصر والباقر وداود، كما روي عن بن عبد العزيز، والحسن البصري والزهري ومكحول والأوزاعي. (٢)

وحجة هؤلاء عموم النص من قوله صلى الله عليه وسلم: ((في الرقة ربع العشر)) .

وزاد بعضهم هنا ما ذكره "الهادي" في قياس المال المعد للكراء والاستغلال على المال المعد للبيع. قالوا: وهو قياس قوي؛ لأن بيع المنفعة كبيع العين، وكلما كراها فكأنما باعها، إلا أن القياس يقتضي أن يقدر النصاب من الغلة التي هي الأجرة. كما ذكر صاحب "الحاصر في مذهب الناصر" حيث ذكر في الحوانيت والدور المستغلات إذا بلغ كراهًا وغلتها في السنة ٢٠٠ مائتي درهم، ففيها ربع العشر، وإذا لم يبلغ ذلك، فلا شيء. (٣)


(١) شرح الرسالة ج ١ ص ٣٢٩
(٢) انظر: موضوع المال المستفاد في الفصل الآتي عند زكاة (كسب العمل) .
(٣) حواشي شرح الأزهار ج ١ ص ٤٥٠، ٤٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>