للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني

الدراسة الفقهية التحليلية

المبحث الأول: العقد على المبيع الغائب في المذهب الحنفي.

المبحث الثاني: العقد على المبيع الغائب في المذهب المالكي.

المبحث الثالث: العقد على المبيع الغائب في المذهب الحنبلي.

المبحث الرابع: العقد على المبيع الغائب في المذهب الشافعي.

المبحث الأول

العقد على المبيع الغائب على الصفة في المذهب الحنفي

شروطه:

المعتمد من مذهب الحنفية صحة العقد على المبيع الغائب عن مجلس العقد بشرطين:

الأول: أن يكون المبيع مملوكًا للبائع، أو مقدورًا على تسليمه في الموعد المحدد.

وردت العبارة الأولى تفسيرًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت يأتيني الرجل فيسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه منه؟ قال: ((لا تبع ما ليس عندك)) . رواه الترمذي رحمه الله، وغيره، وفي رواية النسائي: أبيعه منه ثم ابتاعه له من السوق؟ فقال: ((لا تبع ما ليس عندك)) (١) .

قال الكمال بن الهمام: " أما النهي عن بيع ما ليس عندك فالمراد منه: ما ليس في الملك اتفاقًا لا ما ليس في حضرتك، ونحن شرطنا في هذا البيع كون المبيع مملوكًا للبائع فقضينا عهدته " (٢) .

أما (القدرة على التسليم في الموعد المحدد) فقد وردت عند الإمام بدر الدين العيني في صدر الاحتجاج لصحة العقد على المبيع الغائب بقوله: " وفي نوادر الفقهاء لابن بنت نعيم: أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على جواز بيع الغائب المقدور على تسليمه، وأن لمشتريه خيار الرؤية إذا رآه " (٣) .

الثاني: ذكر صفات المبيع التي ترتفع بها الجهالة الفاحشة عنه.

بين هذا بشكل مفصل العلامة عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي بقوله: " (ولابد من معرفة المبيع معرفة نافية للجهالة) ، قطعًا للمنازعة، فإن كان حاضرًا فيكتفي بالمباشرة، لأنها موجبة للتفريق، قاطعة للمنازعة.

وإن كان غائبًا فإن كان مما يعرف بالأنموذج كالكيلي، والوزني، والعددي المتقارب فرؤية الأنموذج كرؤية الجميع، إلا أن يختلف فيكون له خيار العيب، فإن كان مما لا يعرف بالأنموذج كالثياب، والحيوان فيذكر له جميع الأوصاف قطعًا للمنازعة، ويكون له خيار الرؤية " (٤) .

بل ذهب بعض المحققين في المذهب إلى الاكتفاء بذكر جنس المبيع، وهو ما جرى تقريره في عبارة العلامة حسن بن عمار الشرنبلاني مبينًا السبب في الاكتفاء بذكر جنس المبيع قائلًا: " إن المبيع المسمى جنسه لا حاجة فيه إلى بيان قدره ولا وصفه، ولو غير مشار إليه، أو إلى مكانه؛ لأن الجهالة المانعة من الصحة تنتفي بثبوت خيار الرؤية؛ لأنه إذا لم يوافقه يرده فلم تكن الجهالة مفضية إلى المنازعة. . . " (٥) .


(١) العيني، أبو محمد محمود بن أحمد، البناية في شرح الهداية، الطبعة الأولى، تصحيح الأولى محمد عمر الشهير بناصر الإسلام الرامفوري، بيروت، دار الفكر، عام ١٤٠١ هـ ١٩٨١ م: ٦ / ٣٠٢.
(٢) فتح القدير، الطبعة الأولى، مصر: مكتبة مصطفى البابي الحلبي: ٦ / ٣٣٦.
(٣) البناية في شرح الهداية: ٦ / ٣٠٢
(٤) الاختيار لتعليل المختار، الطبعة الثالثة، تعليقات محمود أبو دقيقة، بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر، عام ١٣٩٥ هـ - ١٩٧٥ م: ٢ / ٥.
(٥) ابن عابدين، محمد أمين، رد المختار على الدر المختار، بيروت، دار الكتب العلمية: ٤ / ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>