للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣) الضرر الذي يعوض عنه في الشرط الجزائي:

قلنا إن الشرط الجزائي هو تقدير اتفاقي للتعويض عن الضرر الذي لحق بالدائن، فما حكم التعويض عن الضرر؟ وما الضرر الذي يعوض عنه؟

لا خلاف بين الفقه والقانون في جواز التعويض عن الضرر، سواء كان في المسؤولية التقصيرية – الفعل الضار – أو في المسؤولية العقدية – العقد (١) وإنما الخلاف في نوع الضرر الذي يعوض عنه: ففي القانون يعوض عن الضرر المالي، والضرر الأدبي، وما لحق الدائن من خسارة، وما فاته من كسب (٢) .

ويوافق الفقه القانون في التعويض عن الضرر المالي، فلا خلاف بين الفقهاء المتقدمين والمعاصرين في جوازه.

أما التعويض عن الضرر الأدبي، فإن الفقهاء المتقدمين لم يتعرضوا له بالاسم، واختلف فيه الفقهاء المعاصرون اختلافًا كبيرًا.

فالأستاذ على الخفيف – رحمه الله – يقول: إن عدم قيام الملتزم بالتزامه يسلتزم شرعًا إلزامه وإجباره عليه، فإن امتنع كان امتناعه معصية يستحق عليها التعزير إلى أن يمتثل، أما إلزامه بمال على وجه التعويض عما أحدثه بامتناع من ضرر، لا يتمثل في فقد المال، فلا تبيحه القواعد الفقهية، والأصول الشرعية التي تقضي بأن أخذ المال لا يكون إلا تبرعًا، أو في مقابلة مال أخذ أو أتلف، وإلا كان أكلًا له بالباطل، وعلى ذلك يكون أخذه تعويضًا عن ضرر لم يترتب عليه تلف لمال غير جائز شرعًا، لأن أساس التعويض في نظر الفقهاء هو مقابلة المال بالمال، فإن قوبل المال بغير مال كان أكلًا للمال بالباطل (٣) .

ويقول أيضًا: إن وجوب التضمين بالمال إنما يكون في ضرر مالي أصاب المضرور، وذلك بتلف بعض ماله، أو نقص قيمته بفعل ضار، أما الضرر الذي لا يتمثل في فقد مال كان قائمًا، فلا يرى الفقهاء فيه تعويضًا (٤) .


(١) يرى الاستاذ الخفيف أن ضمان العقد الذي يعرفه الفقهاء غير المسؤولية العقدية في اصطلاح فقهاء التشريع الوضعي، الضمان في الفقه الإسلامي: ١ / ٢٠
(٢) تنص المادة ٢٢٢ من القانون المصري على الآتي: يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً. . . وتنص الماد ة٢٢١ على الآتي: ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة، وما فاته من كسب.
(٣) الضمان في الفقه الإسلامي، ص ٢١.
(٤) المصدر السابق، ص ١٨؛ وانظر أيضًا، ص ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>