للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

من الصعب أن يأتي المرء بجديد بعد كل ما قيل في هذه القضية.

أعتقد أن الإشكال واضح وهو وقوع العقد على جهالة تتمثل في التردد بين أن يستطيع المستأجر الوفاء فتكون العين مملوكة له، أو لا يستطيع الوفاء فتفوت عليه الملكية وتضيع الأقساط التي هي في حقيقتها أقسام بيع وليست أقساط إجارة. هذه العقدة هي المشكلة في الحقيقة. إننا أمام تردد في حالة الجمع بين عقد البيع والإجارة.

أتفق مع الدكتور الصديق بأن البيع والإجارة لا يتواردان في نفس الوقت على عين واحدة ولكن البيع قد يرد على الإجارة. بمعنى أن الإجارة إذا تمت فيمكن بيع العين المؤجرة على خلاف بين العلماء، هل بمجرد البيع تنفسخ الإجارة أو لا تنفسخ؟ وإذا بيعت العين إلى المستأجر هل يتمتع بالأجرة أو يرد الأجرة إلى بائع على القول بالثنيا التي يقول بها المالكية في الدار السنة والسنتين؟ وذكر كل ذلك (المعيار) للونشريسي. إذن هذه العقد يجب أن نتجاوزها سواء بإجارة حقيقية ثم بيع خيار لاحق، وهذا أعتقد أنه ممكن.

نقطة أخرى وهي أن نوصي المستثمرين أو المتعاملين بهذه المعاملة ألا يستغلوا الناس استغلالاً بشعاً، فقد استغلوا ذوي الحاجات فكثرت الديون وكثرت الخصومات، والجانب الآخر الاجتماعي لهذه المشكلة أيضاً.

بالنسبة للنقطة الأخيرة وهي التي تهمني، لأن قضية الإجارة المنتهية بالتمليك قيل فيها الكثير، ولم يترك الشعراء من متردم كما قال الشاعر القديم. صكوك التأجير. صكوك التأجير كما فهمتها، ومثال ذلك: إذا باع بائع عيناً لشخص ودفع هذا الشخص الثمن ثم استأجرها منه، وظل هذا البائع كما كان واضعاً يده على هذه العين يستغلها، ويدفع أقساط إيجار ثم في نهاية المدة رد ذلك الثمن الذي كان قد دفعه على ذلك الشخص واسترد الملكية التي لم تخرج من ملكيته أصلاً. فهذه الصورة واضح جداً أنها ربا. وهي في الحقيقة دفع مالٍ ليسترد أقساطاً هي الأرباح المعروفة في البنوك التقليدية لا أكثر ولا أقل، فبعد ذلك رد إليه الثمن وبقي الأمر كما كان. وقد أريت الإخوة أن الزرقاني نص على هذه الصورة بعينها وقال: هذا هو الربا الذي لا خلاف فيه. ولعل الدكتور عبد الوهاب يشهد لي ويشهد على هذا. فهذه قضية صكوك الإيجار التي سقطت، وكأنها سقطت من السماء حل جديد وحل إسلامي، ليست إسلامية، هي قضية البنوك التقليدية كمثل مسألة جبر الأضرار بالنسبة للمدين المماطل. إتباع هذه البنوك حذو القذة بالقذة.

فأرجو أن نراجع أنفسنا، هناك وسائل كثيرة للتمويل في الحقيقة نعتقد أنها متاحة ويمكن أن نلجأ إليها وألا نحاول دائماً بجبر أنفسنا للدخول في مضائق لا نستطيع أن ندخلها. وشكراً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>