حينئذٍ ينبغي أن نصل إلى نتيجة في هذا الموضوع وهو أن هذه الإجارة انضم إليها وعد، ونحن لنا قرار سابق في أن الوعد المنضم إلى المرابحة لا مانع منه وأنه وعد ملزم، كذلك هنا أيضاً لماذا هذا التخوف ونحن لنا قرار سابق في قضية الوعد الذي ينضم إلى عقد آخر مقرراً وهو من العقود المعروفة؟.
إذن كل الصور التي لا تتصادم مع النصوص الشرعية أو مقتضى العقد أو الأصول التي رجحها جمهور العلماء فهذه لا مانع منها. أؤيد إذن ما تفضل به الإخوة الكرام والقضية ليست أن كل متحدث ينبغي أن يضيف جديداً لأن المهم أيضاً أن تتكاثر الأصوات وتبين أرجحية الاتجاه والميل إلى التكييف والجواز أو المنع منه، فأنا أؤيد كل ما ذكره فضية الشيخ محمد تقي العثماني من قسمة هذا العقد إلى قسمين: ممنوع وجائز، وهذا هو رأيي، ولي بحث في هذا الموضوع.
ثم أضيف إلى ذلك أنه ما دام العقد جائزاً في الصور التي ذكرتها فيكون حينئذ قضية تحمل الضمان وقضية التزامات الصيانة هي على المؤجر وليست على المستأجر. فأنا أستغرب أن بعض الإخوة جنحوا إلى أن هذه الالتزامات تكون على المستأجر، فبأي حق؟ القواعد الشرعية كلها تتنافى مع هذا الاتجاه، وحينئذٍ إذا ضمت مثل هذه الشروط تفسد العقد بدون شك وتجعل العقد حينئذ داخلاً في دائرة الحظر وليس في دائرة الجواز.
ما يتعلق بصكوك الإجارة، الحقيقة هذا الذي أريد أن أضيفه وهو أن صكوك الإجارة ينبغي أن نذكر كون هذا الصك ينبغي أن يعمل به فيما يملكه المؤجر وذلك ما دامت مدة الإجارة باقية، فإن انتهت مدة الإجارة فحينئذٍ تكون هذه الصكوك غير مشروعة ولا يصح الاعتماد عليها. وأخشى من كون جعل الأجور داخلة في صفة صكوك أن تتداول بغض النظر عن انتهاء المدة أو بقائها، وحينئذ نقع في المحظور بالتأكيد.
أيضاً قضية البيع الرمزي أو الهبة في نهاية العقد هذه داخلة تحت مبدأ التراضي الذي تقوم عليه كل العقود في الفقه الإسلامي، وأن الأصل تراضي الطرفين ما لم يكن هناك مانع أو تصادم مع أصول الشريعة من النصوص أو مقتضى العقد أو أنه يؤدي إلى مساس بالربا أو بالغرر.
فيما يتعلق بموضوع الإجارة بأجر المثل أو بأكثر من أجر المثل هذا داخل تحت قاعدة التراضي، وما دام المتعاقدان قد اتفقا على هذا النحو فينبغي ألا يكون هناك أي حظر أو تشكك في هذا الموضوع.
إذن خلاصة الأمر أن الذين اتجهوا إلى منع هذا العقد إنما هم يتجهون إلى ما نتفق عليه أو اتفقنا عليه من الصور الممنوعة، وأما الصور التي لا تدخل في دائرة الحظر أو دائرة المنع فهذا هو الذي ينبغي أن يضاف في هذه الدورة، وحينئذٍ القرارات السابقة في هذا الموضوع هي في الحقيقة قرارات ضعيفة لا تدل على الجواز بالصورة التي ينبغي أن يصدر عنها القرار في هذه الدورة.