ب-تحقيق العدالة من حيث النظر إلى الأقساط المدفوعة للإجارة. وهذا النوع في اعتقادي لا غبار عليه.
وأثيرت في الحقيقة مسألة أخرى وهي مسألة الجمع بين الصفقتين، أو نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة. فإذا سمح لي السيد الرئيس أن أبين هذه المسألة لأنني في الحقيقة كتبت فيها بحثاً ونشر في مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر، وبذلت فيه جهوداً أرجو إن شاء الله أن تكون خالصة.
والجواب أن الإجارة المنتهية بالتمليك تدخل في باب الصفقتين في صفقة واحدة وهي منهي عنها، حيث ورد في حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة واحدة. الجواب عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا إنما ينطبق في صورة واحدة حينما يذكر في الإجارة المنتهية، البيع والإجارة معاً، في حين أن معظم صورها وخاصة الصور التي يجري العمل بها في البنوك الإسلامية لا يذكر في نفس العقد إلا الإجارة.
الوجه الثاني: أن هذا الحديث مرفوعاً بهذا اللفظ ضعيف، وإنما الثابت هو الموقوف على ابن مسعود –رضي الله عنه- كما ثبت أيضاً حديث ((لا يحل بيع وسلف)) وحديث (النهي عن بيعتين في بيعة) . وعلى ضوء ذلك لا يدخل عقد الإجارة في الموضوع لأن النهي عن البيع والسلف، أو عن البيعتين، فلا يشمل الإجارة والبيع.
الوجه الثالث: أن التفسير الراجح لهذا الحديث هو ما ذكره راوي الحديث نفسه وهو ابن مسعود –رضي الله عنه- حيث ثبت أنه قال: (لا تصلح الصفقتان في الصفقة، أن يقول هو بالنسيئة بكذا وكذا، وبالنقد بكذا وكذا) ، وهذا التفسير أيضاً مروي عن سفيان الثوري، وسماك، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبي عبيد، وابن سيرين، والنسائي، وابن حبان، ومالك، وبعض أهل العلم حسب تعبير الترمذي.
وقد حققنا كذلك تفسير آخر رجحه ابن القيم وهو أن المقصود بهذا الحديث هو النهي عن الجمع بين السلف والبيع في عقد واحد. فهذا هو المنهي عنه في الموضوع.
ما أثاره فضيلة الشيخ محمد تقي العثماني بخصوص تبعة الهلاك والصيانة فالذي انتهيت إليه أن الصيانة الذاتية لا بد أن تكون على المؤجرة، والصيانة التشغيلية هي ممكن أن تكون على المستأجر، خاصة في الإجارة مع الوعد بالتمليك أو الإجارة المنتهية بالتمليك. وكلامي هذا استعراض لآراء الفقهاء وليس هذا رأي وإنما عرض لهذا.
كذلك ما ذكرته بخصوص تبعة الهلاك ذكرت هذا رواية عن الإمام أحمد لأنه يقول: يجوز أن يشترط الضمان على المستأجر، وقاسه على الأجير الخاص، وهذا موجود في المغنى لابن قدامة، والنص موجود في النسخة لكن هذا ليس رأياً لي وإنما رأيي أن تبعة الهلاك أو الضمان يكون على المؤجر. فأنا متفق مع هذا ولكن أردت استعراض هذه الآراء لاستبيان أن فقهنا الإسلامي فيه من السعة ما يسع حتى هذه الحالات النادرة. وبخصوص الإجارة المنتهية بالتمليك يجب علينا فعلاً أن نضبطها بضوابط حتى تخرج تماماً عن مسألة التمويل أو ما يكون في شبهة الربا.
بالنسبة للتأمين فقد ذكرت أنه لصالح المؤجر وقلت: إن الذي يجري عليه العمل في بعض البنوك أن العميل هو الذي يقوم بالتأمين على العين المؤجرة لصالح البنك حفاظاً على أموال البنك وضماناً لرأس ماله. والذي نراه هنا هو أن التأمين ليس من أعمال المستأجر بمقتضى عقد الإجارة ولا يجب عليه، ولذلك ينبغي أن يقوم البنك نفسه به، أو يوكل العميل للقيام به، ثم يخصم المبلغ من الأجرة، ولا مانع هنا من زيادة الأجرة لتغطي ذلك أيضاً، وإذا قام المستأجر بعد العقد بذلك بأمر من البنك أو بموافقته فإنه يرجع عليه بما أنفقه، أما إذا قام بذلك دون إذن أو موافقة، فإنه يعتبر متبرعاً.