للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد قرر مجمع الفقه الإسلامي أن "الوعد يكون ملزماً للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقاً على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد" (١) ، وكذلك، فإن رفض المجمع لقبول المواعدة الملزمة للطرفين دون خيار لأي منهما جاء معللاً بأن المواعدة في البيع "تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده" (٢) ، ويبدو أن هذه العلة غير واردة في المواعدة على بيع العين المؤجرة عند انتهاء عقد الإجارة، لأنها موجودة ومملوكة للمؤجر، وله أن يبيعها في أي وقت، سواء أباعها للمستأجر، أم لغيره، مع المحافظة على حقوق المستأجر، ما يدل على أن المواعدة على بيع العين المؤجرة للمستأجر، دون خيار لأي من الواعد بالبيع أو الواعد بالشراء، قد تكون غير داخلة تحت الحظر الوارد بقرار المجمع المذكور، وإن كان ذلك لا يعني أنني أقول بجوازها، لذلك أرى أنها تحتاج إلى نظر مستقل من قبل مجمع الفقه الإسلامي.

وتشبه هذه الحالة البيع بالتقسيط، لأن المالك المؤجر يحصل على الأجرة الدورية، بالإضافة إلى مبلغ من المال، هو الثمن عند نهاية الإجارة، ويعادل مجموع هذه الدفعات كلها ثمن الآلة الذي دفعه عند شرائها، إضافة للعائد الذي ارتضاه، ولكن الفروق بين هذه الحالة والبيع بالتقسيط واضحة من حيث إن المواعدة على البيع لا تنقل الملكية في حين ينقلها البيع بالتقسيط، والواقع أن النظام الأمريكي للضرائب قد اعتبر هذا النوع من الإجارة معادلاً للبيع مع شرط تأجيل نقل الملكية، بالمعنى الرهني، وأسماه البيع الشرطي (Conditional Sale) ، وذلك من حيث المعاملة الضريبية، حيث أجاز للمستأجر تنزيل الاستهلاكات، وجزء الأجرة الذي يقابل الفائدة على قيمة العين، من الأرباح الخاضعة للضريبة، ومنعه في الوقت نفسه من تنزيل الجزء من الأجر الذي يقابل سداد جزء من قيمة الآلة من أرباحه من أجل احتساب الضريبة، على اعتباره شراءً لأصل ثابت وليس نفقة عادية (٣) .

غير أنه ينبغي أن يذكر –من ناحية أخرى- أن مجمع الفقه الإسلامي نفسه، لم يقرر مبدأ الوعد بالبيع، بالنسبة لعقود الإجارة الخاصة بالبنك الإسلامي للتنمية (٤) ، بل بدل شرط الوعد بالبيع بعقد وعد بالهبة منفصلة عن عقد الإجارة، وفي كلتا الحالتين، سواء أقلنا بالوعد بالبيع عند من يرى ذلك، أم قلنا بالوعد بالهبة عند من لا يرى صحة الوعد بالبيع، فالوعد ملزم كما يبدو من مناقشة القرار المذكور بالنسبة للوعد بالهبة، لأن المستأجر يكون قد أسس على ذلك ارتباطات مالية أخرى، وبالتالي، فإن العين المؤجرة تؤول إلى ملكية المستأجر، سواء أكان ذلك هبة، أم شراء.


(١) قرار المجمع رقم ٢ في دورته الخامسة المنعقدة في الكويت ١-٦ جمادى الأولى ١٤٠٩هـ؛ انظر قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي.
(٢) المرجع السابق نفسه.
(٣) انظر Ramesh K. S. Roa, Fundamentals of Financial, Management Macmillan, N-pp. ٧٠٩-٧١٠.y. ويلاحظ أن نظام الضريبة الأمريكي قد وضع شروطاً خاصة لاعتبار هذا النوع من التأجير بيعاً شرطياً منها أن لا تزيد القيمة المتبقية عن (٢٠ %) من قيمة الأصل وأن تغطي مدة الإجارة (٧٥ %) على الأقل من العمر الاقتصادي للعين المؤجرة.
(٤) قرار رقم (١) /د ٣/٠٧/٦٨ في المؤتمر الثالث لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في عمان –الأردن ٨-١٣ صفر ١٤٠٧هـ (١١-١٦ تشرين الأول/ أكتوبر ١٩٨٦م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>