وهنا أريد أن ألفت النظر هل يكفي مجرد التكييف في هذه العلاقات أن هناك يوجد عقد بالفعل عقد حوالة مثلًا، مجرد التكييف التصوري والاعتباري، هل هذا التكييف يوجب بالفعل هذه العقود؟ أرى أن البطاقات التي أصدرتها هذه البنوك الربوية لا تصدرها على هذه العقود، إنما تصدرها على الأساس الربوي كما نعلم جميعًا. فالتكييف مجرد تكييف لا يجعلها تشتمل على عقد الحوالة وغيرها إذن، فإذا أردنا أن يشتمل على العقد الحقيقي الفعلي لعقد الحوالة وغيرها لا بد من أن تتضمن استمارة الطلب للحصول على هذه البطاقات على الصيغة لهذه العقود من إيجاب وقبول بين الأطراف، وحتى لو أصدرتها البنوك الإسلامية نفسها فإنه لا بد من اشتمال استمارة الطلب على الصيغة لهذه العقود، وإلا فلا يخرجها عن كونها كما هي في الأصل.
ثانيًا: العمولة على السحب. كما يظهر لنا أنها كما يرى ليست بفائدة وإنما هي في مقابل خدمات، لأنها فيما يرى لا ترتبط بمبلغ قرض ولا بأجله، ولكن فيما يظهر لي كيف لا ترتبط هذه العمولة بمبلغ القرض ولا بأجله خاصة في حالة إذا كانت مقطوعة من نفس المبلغ للقرض وتحسم على حسب أجله، فلا أستطيع أن أتصور أنها لا ترتبط بمبلغ القرض ولا بأجله.
ومن ناحية أخرى قد تناول بعض المعقبين مسألة فرض الغرامة، وهنا أريد أن أؤيد ما قاله الأستاذ علي السالوس نظرًا لما سبق للمجمع أن أصدر قرارًا بعدم جواز فرض الغرامة على التأخر في سداد القرض، وحتى هنا أرى أن فرض هذه الغرامة حرام ومعصية من المعاصي، ومنهي عنه في المعاملات الإسلامية. فلذلك أؤيد ما قاله الأستاذ علي السالوس ولا أرى بجوازها ولو على قصد التصدق بها على جهات البر , مثلها مثل وضع أموالنا في البنوك الربوية فإنه من باب معونة لهذه البنوك فهي معونة على المعاصي، فلا أرى في جوازها، لذلك لإخراج هذه المعاملة من المنهي عنه، فلا بد من عدم فرض غرامة على التأخر في سداد القرض لا غير. وشكرًا.
الشيخ عبد الله بن بيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أود - ليس جريًا على عادتي ولكن صدقًا - أن أنضم إلى موكب الذين أثنوا على هذا البحث، فهو بحث علمي كثيف وجاد.
بحث في قضية غائمة يلفها ضباب الغرب وسحبه الكثيفة، فالغرب كما يصدر السلع فإنه يصدر وسائل التعامل والتبادل، وقد أعجبني في هذا البحث - وكله حسن وشائق - منهجية الباحث حيث أخرج أصل هذا العقد من خَبِيّه وتتبعه في بيئته، وأخذ الكعك من صناعه كما يقول أحد علمائنا في المغرب.