أما الصورة الثانية فهي صورة لا بد أن ندرسها وأن نكيفها تكييفًا فقهيًّا جديدًا وهي قضية الإقراض، ما يسمى بالإقراض، ولا مانع أن يقال: بطاقة التعامل أو المداينة، طبعًا المداينات لها قيمتها هنا وهي أفضل من قضية القرض، ولكن لا مانع أن نقول بطاقة التعامل فهذه تحتاج إلى دراسة وتكييف فقهي؛ هل هي من طريق القرض مع الضمان أم هي من طريق آخر؟ فهذا هو محل الخلاف، وأرجو أن يحرر محل الخلاف أولًا، فإنني دائمًا أصبو في مجمعنا الموقر وأعضاءه العلماء الأجلاء قبل البدء في الحديث أن يحرر محل الخلاف، ولعل البعض قد حرر محل الخلاف بصورة غير مباشرة حتى نضع أيدينا على ما يجب أن نبحث عنه بالذات بالضبط، وهذه هي الصورة التي يجب أن نبحث عن قيودها.
أما الصورة الأخيرة فهي مفروغ من تحريمها؛ لأنها صورة ربوية لا مجال للشك فيها إطلاقًا.
الموضوع كله خطير ولا شك أنه هجمة شرسة من أعداء الإسلام في الشرق والغرب يريدون الكيد للإسلام والمسلمين ولمجتمعاتنا عن هذا الطريق، فينبغي التحرز، فلا نغلق الباب إغلاقًا كاملًا، ونوصده في وجه التغير والتطور الذي لا بد منه للمجتمعات الإنسانية، ولا نفتحه كذلك فتحًا كاملًا، بل نغلق بمقدار ونفتح بمقدار كي نكون متوسطين، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة١٤٣] وهذه الوسطية تتجلى في وضع القيود والمعايير للأمور التي ينبغي أن تدرس.
أما المفروغ من جوازها فهي جائزة. والمفروغ من حرمتها فهي محرمة، وبطاقة الائتمان على الوجه الموجود فعليًّا الآن حاليًا في الوضع الراهن في البنوك الربوية حرام بحت لا مجال للشك في ذلك إطلاقًا. والله تبارك وتعالى أعلم، وعلمه أتم وأحكم. وشكرًا.