للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ أحمد الخليلي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فقد كنت حريصًا على أن أستمع لا أن أتكلم في هذه المداخلات التي حصلت، ولكن المداخلات نفسها هي التي فتحت آفاقًا جعلتني أتحدث بعض الشيء.

أولًا: أرى بأن بحث قضايا وقع الاتفاق عليها أو ما يشبه الاتفاق على أحكامها أمر لا داعي إليه في هذا المجمع، فإن المجمع إنما يبحث قضايا مستجدة ويعطي فيها فتوى جديدة. ولئن كان هنالك أيضًا خلاف بين علماء المسلمين لم يتوصل فيه عند الجمهور إلى الترجيح في بعض القضايا التي سبق بحثها من قبل يعطي أيضًا المجمع الرأي الراجح فيها. أما القضايا التي استقر فيها عمل الناس على شيء وقبله علماؤهم وعامتهم فلا داعي إلى البحث فيها. فالتدخين لا داعي للبحث فيه، هل هو ناقض أو غير ناقض؟ لأننا لو جئنا إلى المدخنين أنفسهم لا نكاد نجد أحدًا منهم من الذين يصومون يجرؤ على التدخين في نهار رمضان، ولا نكاد نجد أحدًا حتى من عوام الناس الذين لا نصيب لهما في الفقه والمعرفة يقر التدخين في نهار رمضان. فجميع العلماء وجميع العامة استقر عملهم على هذا وإن وجد خلاف، فإنما هو خلاف في بطون الكتب، ولكنه لم ينتقل إلى عمل الناس.

وكذلك قضية الاستمناء. هل الاستمناء ناقض للصوم أو غير ناقض بعدما استقر عمل الناس على رأي معين وقبله خاصتهم وعامتهم؟ لا أرى داعيًا لبحث هذه القضية، فالقضية قد أميتت بحثًا من قبل، ومعظم المسلمين بل لو قلنا بأنه استقر الإجماع العملي على أن الاستمناء ناقض لما أخطأنا، فإننا لم نعرف في المتقدمين من خالف في ذلك إلا ابن حزم.

والمجمع له هيبته وله مكانته، ولو صدر من هذا المجمع بيان يعطي فتوى بخلاف ما استقر عليه العمل في القضايا السابقة فإن مكانته تتزعزع وهيبته تتلاشى. أما التوسيع والتضييق في مجال المفطرات فهما أمران ينبغي النظر فيهما؛ لأن الإسلام يدعونا إلى الاعتدال (لا إفراط ولا تفريط) فلا نستطيع أن نوسع أحكام المفطرات؛ لأن هذه التوسعة تؤدي بنا إلى الكثير الكثير مما قد نحذر، فلو قلنا بأن إدخال الطبيب أصبعه في فرج امرأة مثلًا لأجل ضرورة لا محيص عنها مؤدٍ إلى النقض فما الفارق بين ذلك وبين إدخال الصائم أصبعه في فيه؟ فهل إدخال الصائم أصبعه في فيه يختلف عن هذا الإدخال؟ نعم يختلف من حيث الجواز وعدمه، ولكن الجواز جاء هنا بسبب الضرورة، ولم يقصد بذلك تلذذ من أحد الجانبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>