للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أيضًا من باب زيادة التصوير، الجماع مثلًا له جانبان، جانب طبيعته الخاصة وقد ورد الشرع - بلا شك - بالنص بأنه من المفطرات، لكن هناك أيضًا أمور في قضية الجماع من حيث إدخال وإخراج وإفرازات وأشياء أخرى، وهذه كلها هل لها أثر في تلمس التعليل في المفطرات؟ ومن هنا أحب أن يتركز النظر إذا أردنا أن نتوصل الى شيء مشترك، إلى ما يسميه العلماء بتحقيق المناط وتنقيح المناط حقيقة في هذه القضايا.

فتحقيق المناط مثلًا لا شك أن النص جاء بالأكل والشرب والجماع، فما الذي يسمى أكلًا؟ وما الذي يسمى شربًا؟ وبم يصدق الجماع؟ وهل الرفث يعني الجماع فقط كما يقال: العملية الجنسية، أو غير ذلك؟ ولا شك أن هذا يستدعينا إلى نظر واسع. فمثلًا موارد لفظة الجماع والنكاح والمس والملامسة في الشرع، كل هذه قضايا قبل أن نتعجل لنقول شيئا يحتاج إلى أن ننظر في موارد الشرع، فالمس مثلًا يأتي بمعنى الجماع قطعًا أو حتى اللمس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} قطعًا هو مراده الجماع، وفي قوله تعالى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هل هو الجماع أم غيره؟ خلاف ظاهر. النكاح يأتي بمعنى العقد ويأتي بمعنى الوطء، في قوله تعالى {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} والمقطوع به أن المقصود به الوطء. كذلك الرفث مثلًا هل هو متحتم أم متعين أن المراد به ذات الجماع وحده، أم أن المراد أيضًا أمور أخرى؟ فهذا ما يسمى بتحقيق المناط بمعنى أنه ورد الشرع بالأكل والشرب والجماع فما المراد بذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>